--> القانون في مصر وبلاد الرافدين - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home مقالات مصر القديمة

القانون في مصر وبلاد الرافدين

 

كتبه. مروه عبدالرازق محمد " ماجستير فى الآثار المصرية، وباحثة فى علم المصريات"

          


لقد بدأ ظهور القانون مع ظهور التجمعات البشرية التى ارتبطت مع بعضها البعض بعلاقات شتى مما استدعى وجود مجموعة من القواعد المنظمة لتلك العلاقات والتى تضبط السلوك الإجتماعى للأفراد فى المجتمع الواحد، ويعتبر تاريخ القانون من الفروع التى تهتم بدراسة نشأة وتطور النظم القانونية المختلفة والتى تزودنا فى العصر الحديث بصورة عن شكل المجتمع والضوابط التى كانت تحكمه فى تلك الفترات القديمة.

ومن الجدير بالذكر أن الباحثين استطاعوا اكتشاف الأسرار القانونية التى كانت موجودة فى المجتمعات القديمة وفقاً للمجموعات القانونية التى تم اكتشافها حتى الأن، ومن أشهر المجموعات القانونية الشرقية المجموعة القانونية الخاصة بالملك حمورابى والتى كانت معروفة بقانون أهل بابل، وتعد تلك المجموعة تجميعاً للقوانين التى كانت موجودة فى بلاده منذ العصور القديمة. وتتميز تلك المجموعة بأنها لم تنظم فى أسلوب شعرى بل كان أسلوب كتابتها أقرب ما يكون إلى القوانين الحديثة التى بين ايدينا؛ بمعنى أنها قسمت إلى فقرات وكل فقرة تحتوى على مجموعة من المواد التى تتابع حسب طبيعة المسائل التى تتناولها.

وتتكون تلك المجموعة من 282 مادة مفصلة تشتمل على معظم الجوانب القانونية  كالأحوال الشخصية من زواج وطلاق ووصاية وبنوة، والمعاملات مثل البيع والإجازة والوديعة، والجرائم مثل الإعتداء على الأشخاص والأموال، كما احتوت على بعض الأحكام التجارية والحربية. ولقد تميزت قوانين تلك المجموعة بأنها على درجة عالية من التقدم القانونى ؛ ومن أمثلة القوانين التى وجدت فى مجموعة حمورابى:

1- إذا حكم قاضى فى قضية وكتب حكمها وتبين له بعد فيما بعد أنه أخطأ فى حكمه وتسبب بحكمه فى ضرر عليه أن يدفع اثنا عشر ضعفاً لنفس الغرامة التى حكم بها، ويحرم من عمله كقاضى إلى الأبد.

2- إذا قام عبد لشخص حر بضرب شخص حر آخر تقطع أذنه.

3- إذا ضرب رجل امرأة حرة وفقدت جنينها بسبب تلك الضربة دفع لها عشرة شيكلات تعويضاً لها.

4- إذا ضرب ولد والده فعلى القاضى الحكم بقطع يد الابن.

 

 أما بلادنا الحبيبة مصر فقد عثر فيها على العديد من المجموعات القانونية والتى كان منها مجموعة قانونية تسمى بمجموعة بوخاريس وهو أحد ملوك الأسرة الرابعة والعشرين إلا أن المدونات الخاصة بهذا القانون لم ترد إلينا إلا عن طريق المؤرخين الإغريق أمثال هيرودوت وديودور الصقلى اللذان اشادا بقوانين تلك المجموعة مما لا يدع مجالاً للشك أن مصر كانت من الحضارات التى أضافت إلى تاريخ القانون منذ القدم، لاسيما أن تلك المجموعة كانت عبارة عن مجموعة من القوانين المدنية التى ابتعدت كل البعد عن الطابع الدينى، كما تضمنت الكثير من الإصلاحات فى الأحوال الشخصية وكانت قوانينها ضربة قاسية ضد الإقطاع الذى سيطر على الجانبين الدينى والمدنى؛ ومن هنا كان الهدف الأساسى لتلك المجموعة القانوية إعادة روح المساواة بين أفراد البلاد، وتعتبر تلك المجموعة القانونية أساساً لما صدر بعدها من تقنينات.

ومن أمثلة القوانين التى دونت فى المجموعات القانونية المصرية فى العصر الفرعونى:

1- المرأة المتزوجة من حقها التعاقد وتملك العقارات دون أخذ إذن من زوجها، ولها ذمة مالية خاصة بها.

2- توزع تركة المتوفى على الابناء بالتساوى دون تميز الابن الأكبر على من هم أصغر منه ولا تفريق فى الميراث بين الذكور والإناث.

3- يعقد الزواج بالتراضى بين الزوجين، مع وجود شرط جزائى يلتزم الزوج بدفعه للزوجة فى حالة طلاقه لها على أن يحدد هذا المبلغ فى وثيقة الزواج.

وختاماً نجد أن النظم القانونية سواء كانت مصرية أم عراقية كانت ترتبط بشكل أساسى بالظروف السياسية والإجتماعية والإقتصادية والدينية المحيطة بالمجتمع، والتى كانت تؤدى إلى تطوير ونظم القانون بمواده المختلفة لتحقيق أكبر قدر من العدالة والنظام بين أفراد المجتمع الواحد مما يساعد الدولة على الإنشغال ببناء الحضارة ونواحيها المختلفة فى ظل سيادة روح من الأمن والأمان بين أفراد الشعب بمختلف طبائعهم وإتجاهاتهم.

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top