--> تاريخ وآثار الأشمونين - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home مقالات مصر القديمة

تاريخ وآثار الأشمونين

 

تاريخ وآثار الأشمونين

بقلم – أ/ هشام عبد المحسن الصغير..... مفتش اثار بالمنيا

1 - الأشمونين فى العصر الفرعونى


تم إستغلال موقع مدينة الأشمونين منذ العصر الفرعونى سواء فى الدولة القديمة أو الوسطى أو الحديثة ، وقد تم إستخدام الحجر الجيرى كعنصر أساسى فى البناء ، بينما إستخدم الألباستر كعنصر ثانوى حيث لإقتصر لإستخدامه على المزارات الدينية على وجه الخصوص وقد إستخدم المصريون طمى النيل كمادة لاصقة فى المواقع القريبة من المجرى [1].

نجد أن أعمدة معابد هيرموبوليس فى العصر الفرعونى كانت مزينة بأشكال مغزلية وأضلاع مثل معابد الأقصر والفنتين ، ونجد أن تاج العمود كان يأخذ شكل زهرة اللوتس المقطوعة ويطوق الأشكال المغزلية ثلاث حلقات كل منها يتكون من خمس اطواق زخرفية وفى الأسفل والوسط يصل عددهم إلى ثمانية وفى الأعلى هناك لإثنان وثلاثون شكلاً مغزلياً [2]

وتحتوى الأشمونين على العديد من المعابد منذ بداية الدولة وحتى نهاية العصر المتأخر ومعظم هذه المعابد تم تدميرها ولم يبقى منها سوى بقايا تشير إلى تلك المعابد وإلى الملوك الذين أسسوها ، وهناك جزء آخر من تلك المعابد تم إعادة إستخدامه فى مبانى تم تشييدها فى عصور لاحقة مثل العصر اليونانى الرومانى أو القبطى وسوف نستعرض معاً أهم المعابد التى ظهرت فى مدينة الأشمونين خلال العصر الفرعونى .

        عرفُ معبد تحوت بالعديد من المسميات منها ( بر – جحوتى )  بمعنى معبد جحوتى ، وأيضاً ( حوت – نثر جحوتى نب خمنو ) بمعنى معبد الإله جحوتى سيد الأشمونين ، وعرف أيضاً بـ ( حوت – إبثت ) بمعنى معبد الشبكة وهو إسم مقصور فى الأشمونين للمعبود جحوتى بإعتباره سيد الأشمونين الأول من حسرت والمقيم فى (حوت – إبثت ) كما ورد على لوحة ( إبو ) فى أبيدوس من الإسرة الثانية عشر [3] .


    يرجح أن بداية المعبد كانت فى عصر الدولة الوسطى حيث بدأ فى تشييده الملك إمنمحات الثانى من الأسرة الثانية عشر وأكمل البناء بعده كل من حور محب وإخناتون من عصر الدولة الحديثة الأسرة الثامنة عشر ومن بعدهم رمسيس الثانى من الأسرة التاسعة عشر [4] .

صرح الملك حور محب

         إستطاعت البعثة الإنجليزية التابعة للمتحف البريطانى عام 1981 إكتشاف جزء من صرح يرجع لعهد الملك حور محب وأجزاء متفرقة من بوابة الصرح ، ونجد أن الصرح تمت الإشارة لإحتمالية وجوده من خلال التقارير التى قدمها العالم الألمانى  Graben  فى أثناء وجود البعثة الألمانية بالمنطقة حوالى عام  1931م [5] .

من خلال البقايا التى عثرت عليها البعثة تم تحديد محور بوابة الصرح حيث وجدوا أنها تتجه من الشمال إلى الجنوب على محور واحد ، بينما تمتد واجهة الصرح إلى الشمال من الموقع الذى كان قد حدده  Graben  أثناء عمل البعثة الألمانية .

         عندما حضرت البعثة البريطانية عام 1980 كانت أجزاء ذلك الصرح متناثرة لمافة تبلغ طولها حوالى 20 متراً وبعمق 2.5 متر ، لذلك قررت البعثة إنقاذ المنطقة وما بها من قطع آثرية من دمار محقق كاد يجهز عليها [6]

وهناك صور غير منشورة تم إلتقاطها عام 1931 تعرض لنا بقايا ثلاث جدران تنتمى لفناء رمسيس الثانى بالمعبد ولكنها لم تكن موجودة بالموقع أثناء وجود البعثة البريطانية ويحتمل تعرضها للدمار ، ونجد أن بقايا جدران الصرح مزينة بنقوش للملك إخناتون والملك حور محب ، ويظهر لنا بوضوح إعادة إستخدام أحجار المعابد الأقدم ودمجها فى معابد أخرى أحدث عمراً [7].

لكن الأدلة الجديدة التى اكتشفتها بعثة المتحف البريطانى خلال عملها تمكننا من معرفة أجزاء منقوش عليها خراطيش الملك حور محب والتى كانت فى الأصل أجزاء من الصرح ، ونجد أن كتل حجرية عليها أسماء وألقاب إخناتون موجودة أيضاً فى الصرح ربما أُعيد إستخدامها فى عهد حور محب [8].

إحدى الكتل التى تحمل إسم إخناتون والمعاد إستخدامها فى الصرح تم إستخدامها للمرة الثانية كلوحة جنائزية خاصة بأحد كهنة تحوت ويدعى ( نيب – ميحت ) ، وهذه اللوحة وُجدت بالقرب من فناء رمسيس الثانى [9]

ونجد أن أحجار الصرح والمعبد بشكل عام قد تم إقتلاعها وتعرضت للتشويه والدمار مما يعبر عن أعمال همجية ضد المبانى الآثرية بالمدينة وخاصة معبد تحوت الذى بدا فى حالة سيئة وهذا لأسباب غير واضحة يبدو أنها ترجع لأسباب عوامل الرطوبة والإهمال حيث وجدت البعثة بعض أجزاء من المعبد أحجارها مسحوقة تماماً مما يدل على مدى الإهمال الذى أصاب المنطقة فى العقود الماضية .

أهم ما جذب إنتباه أعضاء البعثة هو كثرة وجود أحجار تنتمى لفن العمارنة ، حيث أنهم وجدوا الكثير من القطع وسط الأنقاض وهى أحجار مزخرفة عُرفت بإسم  ( أحجار الثلاثات ) وكانت تعد إحدى رموز فن العمارنة ، كما وجدت البعثة جزء من إفريز الصرح منقوش عليها إسم الإله ( آتون ) وهذا قد يرجح رأى آخر يرى أن تلك الأحجار قد تم جلبها خصيصاً من العمارنة لدعم الصرح وليست نتاج إعادة الإستخدام كما سبق الذكر [10].

رمسيس الثانى

     فى عهد رمسيس الثانى قام بالعديد من التشيدات العمارنية فى الأشمونين ومنها إضافة فناء لمعبد تحوت ، وقد كشفت البعثة الألمانية الجزء الشرقى من الفناء عام 1938 ، بينما الجزء الغربى للفناء تم إكتشافه عام 1939 ، ونجد أن الجزء السفلى من أساس أرضية الفناء هو فقط ما إستطاعت البعثة إنقاذه ، حيث أن عناصر الفناء تم إعادة دمجها فى مبانى تعود للعصر القبطى[11].

وهناك بقايا منقوش عليها خراطيش الملك رمسيس الثانى ، وبعد أن قامت البعثة بتنظيف الموقع عثرت على قاعدة تمثال منقوش عليها خطوط هيروغليفية أفقية منقوشة على حوافها العلوية تحتوى على أسماء وخراطيش إخناتون ولكن تلك الخراطيش كانت فى حالة سيئة لتعرضها للتشويه وبالكاد إستطاع أعضاء البعثة نسخها لدراستها .

صف الأعمدة بفناء رمسيس الثانى

    لم تعطينا البعثة الألمانية أى معلومات خاصة بتلك الأعمدة ، ولكن البعثة الإنجليزية وجدت أجزاء من تلك الأعمدة بالصدفة ، حيث أن هذه الأعمدة قد إختفت تحت طبقة الأرض نظرا للعوامل الطبيعية ووجود مدنية أحدث مما جعلها تُطمر تحت التراب ونجد أن النباتات الكثيفة أحاطت بها من كل إتجاه مما جعل مجال رؤيتها صعب جداً ، ولم تتمكن البعثة الإنجليزية من إيجادها إلا عن طريق الصدفة عندما شب حريق بتلك النباتات مما كشف أجزاء من تلك الأعمدة وعلى الفور إتجهت البعثة لتزاول عملها ، وتلك الأعمدة كانت على بعد جوالى 20 متراً شمال واجهة الفناء الخارجية .

    ونجد أن الأعمدة الغربية هى فقط التى إحتفظت نسبياً بنقوشها ولكن الحالة العامة للأعمدة كانت فقيرة فنياً نظراً لعوامل الرطوبة والتدمير التى لاحقتها ولا يوجد سوى خمسة أعمدة فقط بحالة جيدة ورغم ذلك لم يتبقى منها فقط سوى أجزائها السفلية والأجزاء العلوية لها مدمرة ، ونجد أنه توالت الإضافات على المعبد من قبل كل من الملك مرنبتاح والملك سيتى الثانى حيث صوروا وهم يقدمون القرابين لتحوت [12].  

معبد تحوت فى العصر المتأخر


    عندما زار نختانبو الأول هيرموبوليس قرر إعادة بناء وتوسيع معبد تحوت تقديساً له وهذا المعبد يمتد إلى شمال موقع المعبد القديم وموقعه الآن بالقرب من قرية الإدارة ، ويتقدم المعبد 12 عموداً فى الصالة الأمامية ، والمعبد كان بحالة جيدة ومحفوظ بشكل كبير حتى عام 1826 حيث تكلم عنه علماء الحملة الفرنسية ووصفوه قبل ذلك التاريخ ، ولم تخلو كتابات الرحالة الإغريق والرومان من الإشارة لهذا المعبد الضخم [13]  .

    ومنذ عدة سنوات كان الموقع يحتفظ بقواعد ثلاثة أعمدة فى النهاية الغربية للصالة الأمامية ، وهذا جذب إنتباه البعثة الألمانية عام 1929 ، فحفروا حوله خندقاً شمال تلك القواعد بالقرب من موقع المعبد ، ولكنهم وجدوا حطاماً ، ونجد أن الأستاذ أبو بكر قام بتنظيف الصالة الأمامية عام 1951 ، ولكن باقى المعبد لم يتم إكتشافه بعد .

    أثناء عمل البعثة الإنجليزية بالمعبد عام 1981 عثروا على عتبة بوابة تمتد منها درجات لإسفل ممثلة ما يشبه حجرة سرية تم إكتشاف بها مكان خالى لصندوق من الحجر  به أوانى كانوبية يبدو أنه قد تم سرقته بواسطة لصوص الآثار . 

2 - معبد آمون رع:

       بدأ رمسيس الثانى فى تشييد هذا المعبد ، ثم أكمله كل من الملك مرنبتاح من الأسرة التاسعة عشر ، والملك أوسركون الثالث الأسرة الثانية والعشرون ، ويبلغ إرتفاع صرح المعبد حوالى ثمانية أمتار وطوله حوالى تسعة وعشرون متراً ، وقد أضاف الملك مرنبتاح البهو المفتوح ، ولم يتبقى منه سوى تسعة أعمدة ، وتمثالين كبيرين تم نقلهما إلى المتحف المصرى ، كما صُور الملك     مرنبتاح على جدران المعبد وهو يقدم القرابين أما العديد من الأرباب مثل آمون رع ، رع حور آختى ، جحوتى ، وحورس [14].

       كان المعبد محاطاً بسور من الطوب اللبن ، دُمر معظمه ، وأُعيد إستخدام أحجاره فى منشآت أخرى قريبة من المعبد

 ( ناووس ) امنحتب الثالث

    كشفت البعثة الإنجليزية خلال عملها عام 1981 عن قاعدة ناووس من الألباستر إرتفاعه حوالى 137 سم  ،  نُقش على جوانبه الأربعة إسم الملك إمنحتب الثالث فى أوضاع تعبدية تعلوه علامة السماء ، وفى كل منظر صُور إمنحتب الثالث مرتين يتوسطهما ألقابه وألقاب المعبود جحوتى والملك يرفع يديه لأعلى يبتهل إلى جحوتى ، وفى منظر آخر يقدم إناء ( نمست ) وإناء البخور ، وفى منظر آخر يقد تمثال للربة ماعت ، وكلتا التقدمتين لهما أهمية كبيرة فى طقوس العبادة ، وعلى الجانب الغربى إستُبدل الملك بالمعبود حابى على الجتنبين يقوم بعملية التوحيد بواسطة ربط نباتى البردى واللوتس حول علامة السماتاوى [15] .     

كما أنه تم إيجاد قطع آخرى تعود للعصر الفرعونى مثل بقايا بوابة من الجرانيت الأسود تحمل إسم حتشبسوت ومصور عليها مناظر تعود للملك إخناتون وزوجته نفرتيتى وإبنته ( مريت- آمون ) يتعبدون للمعبود آتون ، وهناك أيضاً خرطوش للملك مرنبتاح .

مجموعة من اللوحات النذرية تتضمن إسم الأمير ( S3 b3 ir ) إبن الملك أحمس ، وأخرى تخص أخته ( mr 3mn )  ، وواحدة للمدعو ( جحوتة نفر ) كاهن تحوت ، وحوض قرابين سائلة عليه منظر لشخص راكع يُدعى ( نحم عاوى ) كاتب أملاك كل آلهة مصر السفلى والعليا للأسرة التاسعة عشر .



[1]  ناريمان درويش : المرجع السابق ، صــ 117

[2]  نجيب ميخائيل : المرجع السابق ، صــ 26

[3]   هدى محمد عبد المقصود : المرجع السابق ، صـ 82

[4]  عبد الحميد زايد : المنيا الخالدة ، القاهرة ، 1960 ، صــ  59

[5]                       Roder , G ., Hermopolis ( 1929 – 1938 ) , Heldeshiem , 1958 , p. 36

[6]                 Spencer ,J,A.,  Excavations at El-Ashmunien , part 2 , London , 1989 p. 29                                                                                                                                                                        

[7]                                                                                                   Roder , op.cit , p. 37

[8]                                                                                                 Spencer , op.cit , p.30

[9]                           P&M ., Lower and Middle Egypt , part 4 , London , 1934 , p. 168

[10]  Spencer , op.cit , p. 31                                                                                             

[11]                                                                                                 Roder , op.cit , p. 38

[12]                     Chaban , M , Fouilles a Achmounein , in ASAE , N 8 , 1907 , P.216

[13]                                                                                              Spencer , op.cit , p. 31

[14]  هدى محمد عبد المقصود : المرجع السابق ، صــ 87

[15]  نفس المرجع ، صــ  84

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top