--> تأثير البيئة المصرية في الكتابة الهيروغليفية - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home مقالات مصر القديمة

تأثير البيئة المصرية في الكتابة الهيروغليفية

 

تأثير البيئة المصرية في الكتابة الهيروغليفية:

بقلم / محمد رشدي عبدالمنعم  ......  مفتش اثار منطقة اثار المنيا الشمالية


    الكتابة هي الوسيلة الثابتة للتعبير عن الفكرة؛ وعندما فكر المصرى فى أن يسجل أحداثه كانت الطبيعة من حوله مصدر الإلهام بالنسبة له بما فيها من ظواهر طبيعية وكائنات حية، فهداه تفكيره إلى أن ينقل بعضاً مما فى الطبيعة والبيئة المحيطة به ليعبر بالصورة عن المعاني التى يريد التعبير عنها، وجاءت العلامات ذات استخدام تصويرى أى معبرة عن صورتها، فإذا ما رسم إنساناً فإنه يقصد التعبير عن الإنسان، وكذلك الحال بالنسبة لأعضاء جسم الإنسان، أو الحيوان وأعضائه، وكذلك الطوير والزواحف والحشرات، ثم هناك الأشجار والنباتات والجبال والبحار والأنهار.

والمتوقع أن بعض أصحاب المبادرات والذين يجود بهم الزمان فى كل مكان قد التقوا ووضعوا تصوراً قابلاً للنقاش والتطوير، ولابد أنهم اتفقوا على استخدام علامات معينة لتعبر عن مضمون معين، فالبومة للتعبير عن البومة نفسها، وموجه المياه للتعبير عن المياه بوجه عام سواء من حيث المصدر أو الاستخدام واختاروا شكلاً هندسياً معينـــاً    للتعبير عن "البيت" وشكلاً آخر دائرياً بشارعين متقاطعين  للتعبير عن المدينة، والعلامة    التى تمثل القصبة الهوائية والرئتين للتعبير عنهما كأجزاء من جسم الإنسان([1]).

النتيجة يعبر عنها بالسبب ـ والهواء يعبر عنه برسم شراع مركب منتفخ هواء ـ ويعبر عن المحتوى بالحاوى ـ فجرة الجعة تشير إلى الجعة ذاتها   ولفة البردى تعبر عن عملية الكتابة إلخ([2])..

وفى كل هذه العلامات التصويرية كان لابد من استخدام شرطة رأسية أسفل العلامة فى معظم الأحيان لتؤكد أن العلامة تعبر عن نفسها وتشير إلى مضمونها، أى تصور نفسها دون أن تكون لها قيمة صوتية. تأثير البيئة المصرية في الكتابة الهيروغليفية:

الكتابة هي الوسيلة الثابتة للتعبير عن الفكرة؛ وعندما فكر المصرى فى أن يسجل أحداثه كانت الطبيعة من حوله مصدر الإلهام بالنسبة له بما فيها من ظواهر طبيعية وكائنات حية، فهداه تفكيره إلى أن ينقل بعضاً مما فى الطبيعة والبيئة المحيطة به ليعبر بالصورة عن المعاني التى يريد التعبير عنها، وجاءت العلامات ذات استخدام تصويرى أى معبرة عن صورتها، فإذا ما رسم إنساناً فإنه يقصد التعبير عن الإنسان، وكذلك الحال بالنسبة لأعضاء

جسم الإنسان، أو الحيوان وأعضائه، وكذلك الطوير والزواحف والحشرات، ثم هناك الأشجار والنباتات والجبال والبحار والأنهار.

والمتوقع أن بعض أصحاب المبادرات والذين يجود بهم الزمان فى كل مكان قد التقوا ووضعوا تصوراً قابلاً للنقاش والتطوير، ولابد أنهم اتفقوا على استخدام علامات معينة لتعبر عن مضمون معين، فالبومة للتعبير عن البومة نفسها، وموجه المياه للتعبير عن المياه بوجه عام سواء من حيث المصدر أو الاستخدام واختاروا شكلاً هندسياً معينـــاً    للتعبير عن "البيت" وشكلاً آخر دائرياً بشارعين متقاطعين  للتعبير عن المدينة، والعلامة    التى تمثل القصبة الهوائية والرئتين للتعبير عنهما كأجزاء من جسم الإنسان([3]).

النتيجة يعبر عنها بالسبب ـ والهواء يعبر عنه برسم شراع مركب منتفخ هواء ـ ويعبر عن المحتوى بالحاوى ـ فجرة الجعة تشير إلى الجعة

ولابد أن دائرة الاتفاق على الاستخدام التصويرى للعلامة قد بدأت تتسع لتشمل أكثر من مكان من أرض مصر ولعل القارئ سوف يتساءل من أى مكان بدأ المصرى يكتب؟ هل بدأت المحاولة فى مكان بعينه ثم أخذت([4]) تتنتقل بالتدريج إلى أماكن أخرى؟ أم أنها انطلقت من أكثر من مكان فى وقت واحد؟!

الأرجح والمنطقى أن تكون البداية قد جرت فى مكان بعينه، وبعد التوصل إلى بعض الأساسيات أخذت الفكرة تنتقل إلى جهات أخرى لعلها قبلت ريادة المنطقة التى بدأت فيها الكتابة أو أعملت فيها فكرها.

وإذا كانت نقطة الانطلاق قد حدثت فى مكان ما، فهل يمكن من خلال ما نعرفه عن تاريخ مصر القديمة وحضارتها وعن الأدوار التى لعبتها بعض المناطق والتى تمثل ثقلاً دينياً أو فكرياً... هل يمكن أن نحدد أين بدأت الكتابة؟ ربما نستطيع أن نشير إلى بعض المناطق فى شمال البلاد ووسطها وجنوبها ذات الثقل الفكرى على امتداد التاريخ المصرى القديم أو فى فترة محددة منه، فهناك مدينة العلم والثقافة والفكر الدينى "هليوبوليس ـ عين شمس ـ المطرية" والتى كانت تعرف باسم "أون" مركز عبادة الشمس ومنبع نظرية مهمة من نظريات تصور المصرى القديم عن خلق الكون "نظرية التاسوع" ومحط أنظار الفلاسفة ورجال العلم من بلاد اليونان.

وهناك مدينة منف العظيمة أقدم العواصم المصرية (حالياً مين رهينة ـ مركز البدرشين، محافظة الجيزة) مركز عبادة الإله بتاح أحد أهم الآلهة المصرية ومصدر إحدى نظريات خلق الكون.

ثم هناك فى مصر الوسطى فى محافظة المنيا وبالتحديد "قرية الأشمونين مركز ملوى، والأشمونين كانت مركزاً لعبادة الإله جحوتى إله الحكمة والمعرفة، ومنها خرجت أيضاً إحدى نظريات الخلق (نظرية الثامون)، ثم هناك فى صعيد مصر وفى منطقة أبيدوس (العرابة المدفونة، مركز البلينا، محافظة سوهاج) حيث المركز الرئيسى لعبادة إله الخير ورب العالم الآخر "أوزوريس" وفى سوهاج أيضاً منطقة "ثنى" (طينة) التى يظن أنها قرية البربا (مركز جرجا، محافظة سوهاج) والتى خرج منها الملك "نعرمر" وأسرته لتوحيد قطرى مصر وعلى بعد حوالى 20كم شمال أدفو نجد فى شرق وغرب النيل مدينتى "نخب" و"نخن" عاصمتى الجنوب قبل توحيد قطرى مصر، ومركز عبادة الآلهة ذات الشأن الكبير فى العقائد المصرية، الآلهة "نخبت" وعودة إلى شمال البلاد إلى قرية بوتو (إبطو ـ تل الفراعين، مركز دسوق، محافظة كفر الشيخ) عاصمة مصر قبل توحيد القطرين ومركز عبادة إحدى الإلهات البارزات فى مصر الفرعونية من الإلهات المصريات وهى الآلهة "واجيت".

ثم هناك الكثير من المواقع التى شهدت حضارات ما قبل التاريخ والتى مهدت لتاريخ مصر المكتوب مثل حلوان والمعادى وجرزه والفيوم والبدارى وديرتاسا ونقادة وغيرها.

فى أى من هذه الأماكن أو ربما فى غيرها بدأت الكتابة المصرية؟. سؤال سيظل بلا إجابة محددة إلى أن تخرج لنا أرض مصر الكثير الذى لا يزال فى باطنها.

ونعود للعلامات التصويرية التى أدرك المصرى بمرور الوقت أنها غير كافية للتعبير عن أفكاره ونشاطاته وتصوراته للعالمين العلوى والسفلى (عالم الأحياء وعالم الموتى)، وعليه فقد أخذ المصرى يطور من استخدام العلامة ليتقلص دولها التصويرى بالتدريج ويبدأ دورها الصوتى لتعطى كل علامة صوتاً واحداً أو صوتين أو ثلاث وفى حالات قليلة أربع وخمس.



([1]) عبد الحليم نور الدين، اللغة المصرية القديمة، 1998م، ص 11.

([2]) نيقولا جريمال، تاريخ مصر القديمة، ترجمة: ماهر جويجانى، الطبعة الثانية، 41993، ص 42.

([3]) عبد الحليم نور الدين، اللغة المصرية القديمة، 1998م، ص 11.

([4]) عبد الحليم نور الدين، اللغة المصرية القديمة، 1998م، ص 11.

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top