ماهية التوثيق العلمى للأثر وأخلاقياته
يكتبه / صفاء احمد
أولا :ما هو التوثيق؟
التوثيق هو التسجيل والحصول على كل المعلومات الثابتة
المتاحة المتعلقة بالأثر والمبانى والمواقع بما فى ذلك خواصها الطبيعية وتاريخها،
والمشاكل التى تعانى منها وعملية العلاج وكيفية معالجة المشاكل،
وعملية تنظيم وتفسير وإدارة هذه المعلومات .
التطورات التى عرفها علم الاثار أرست قواعد شبه ثابتة
ونواة أساسية فى حقل تقدم الاثار لذلك فانه من المهم أن يكوم هناك مواكبة علمية
بين الدراسة الميدانية وتسجيل المعلومات وتوثيقها على أن يتم ذلك بأحدث الطرق العلمية
التى من شأنها خلق منهجية علمية ثابتة وتطوير نوعية البحث العلمى فى خدمة
علم الترميم على وجه الخصوص وهو ما يعرف بإدارة البيانات
الرقمية (D.D.M)Digital Data Management وتكنولوجيا المعلومات.
ان صيانة وإدارة التراث الأثري لمصر عمل هام، والأعداد
الهائلة من المواقع والصروح والقطع الأثرية
التى تنتشر فى
جميع أنحاء البلاد، والزحف العمرانى المتزايد و المتسارع حول المواقع الأثرية،
والأخطاء البيئية الهائلة التى تحيط بتلك المواقع من كل جانب؛ هى جميعا أعباء تضاف
الى متطلبات هذا العمل الهام .
وهكذا يصبح من الأمور الحيوية توثيق وحماية وإحياء هذه
المواقع لفائدة الأجيال المقبلة، وهى تتحقق
على أفضل وجه من خلال إقامة نظام معلومات جغرافية أثرية.
يعتبر الاهتمام بالمعالم والكنوز الأثرية حالة حضارية
تحمل فى طياتها قيما ودلالات تاريخية عظيمة، فهى الشاهد على عمق الحضارات التى توالت
عبر الأزمنة والعصور، كما تعطينا تصورا واسعا عن نمط البناء وفنون العمارة الذى
يستهوى الكثير من العرب والأجانب .
يعتبر التسجيل العلمى للأثر هو أول مراحل العلاج السليم،
حيث أنه خطوة هامة تسبق غيرها من مراحل الترميم وهى تعنى بتسجيل وتوثيق كل ما يخص
الأثر المراد ترميمه بداية من تاريخ الأثر وأهميته الفنية و التاريخية وأبعاده
وأشكال الزخارف التى يحتويها، وكذلك ما يعانى منه الأثر من مظاهر تلف مختلفة.
ثانيا : الهدف من عملية التوثيق يتلخص فى
الاتى :-
- توفير قاعدة معلوماتية
يمكن الاستفادة منها فى عمليات الترميم .
- تكوين نظام معلومات متكامل عن المواقع والمعالم الأثرية
للرجوع إليها من خلال تكنولوجيا المعلومات.
- تلعب عمليات التسجيل والتوثيق دورا هاما فى عمليات
التخطيط الخاصة بإدارة المواقع الأثرية وسياستها وبرامجها العلمية المختلفة.
- التسجيل والتوثيق الدقيق لكل ظروف الموقع ومحتوياته
الأثرية ونشرها كاملة، يساعد علماء الترميم على تكوين فكرة كاملة عن هذه المواقع
حتى وان لم يشاهدوها.
- تسجيل المقتنيات الأثرية المكتشفة فى الحفرية وتحديد
مواقعها بالنسبة للطبقات بالقياس والصورة والرسم، تعكس أهمية هذه المقتنيات فى فهم
وتفسير المواقع والتعرف على الجماعات البشرية المختلفة التى قطنت تلك المواقع
والحضارات المختلفة.
- تحديد درجة التلف لسرعة إجراء عمليات العلاج والصيانة.
- الحصول على معلومات عن الأثر وموقعه من البيئات المختلفة
ومن ثم يمكن تحديد درجة التلف المتوقعة والحفظ.
- وضع إستراتيجية للحفظ والصيانة الدائمة للأثر.
- يعد التوثيق حماية للمرمم عن أدائه فى عمليات الترميم
والصيانة.
- تعيين قيمة وأهمية التراث الموثق.
- توجيه عملية الصيانة عن طريق وضع أساس للحالة الراهنة
التى يمكن مقارنتها بالحالة التى سيكون عليها الأثر بعد فترة وذلك للتأكد من وجود
أى تغيرات عن الحالة الأساسية، (ربما
يكون بطئ جدا أن نلاحظ بأنفسنا يوميا ولكن
التغيير يمكن أن يرى فقط عن طريق الرجوع الى الحالة الأساسية ).
- تقييم مدى فاعلية المعالجات السابقة من حيث كلا من
المواد والأساليب.
أ- المعالجات الناجحة يمكن استخدامها مرة أخرى.
ب-
المعالجات الغير ناجحة يتم تجنبها فى المستقبل.
- التقييم المستقبلى لمدى نجاح طرق العلاج التى نستخدمها
فى الوقت الحاضر وكذلك المواد والأساليب.
- للقيام بدور الصيانة الوقائية كالتالي :-
أ- التلف الناتج عن عوامل التلف الغير منتظمة والتجوية يمكن
معالجته بسهولة أكثر فى مراحله الأولى، لذا فان تسجيل التلف فى بدايته والصيانة
الدورية للأثر تقدم معلومات هامة توضح الحاجة لعمل صيانة وقائية مبكرة وتساعد على
وضع خطة العلاج المناسبة للأثر.
ب- البيانات المسجلة بمرور الوقت تقدم معلومات عن المبنى أو
الموقع الأثري أو حتى القطع الأثرية الصغيرة وكذلك المواد المستخدمة فى الترميم
تكون واقعية أكثر من اختبارات التقادم الصناعى المعجل.
ت- توثيق أعمال الصيانة غير الناجحة لها نفس أهمية توثيق
العمل الناجح وكذلك لتفادى إعادة استخدام الطرق أو المواد التى ثبت عدم فاعليتها
وما ينتج عنها من تلف.
ث- التعرف على المشاكل العاجلة الطارئة التى يعانى منها
الأثر يساعد على العلاج المبكر قبل أن تزداد الحالة سوءا.
ج- التوثيق الفحصى الدوري للأثر، يكون المرمم غالبا هو
الشخص الوحيد الذى يستطيع فحص وتسجيل القطعة أو المبنى فور حدوث أى تلف به.
ح- دراسة اختيارات الصيانة المقترحة( خطة التدخلات، عمل
أولويات لمشاكل الترميم واستخدام المصادر القليلة المتوفرة، تطبيق المعالجة
الفعلية وقياس نتائج المجهودات التى تم القيام بها وتقييم المعالجات التى تمت
للأثر مع توثيق هذا التقييم بحيادية شديدة)
خ- يساعد التوثيق على عمل سجل للآثار التى تم تدميرها فى
الحروب- مثل حرب العراق – والكوارث
الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والعواصف، والتطور الذى يصعب التحكم فيه. وكذلك
عمليات التدمير أو الهدم لأغراض مدنية كما حدث لهضبة الأهرامات فى الجيزة وحجم
الزحف العمرانى الذى حدث بمنطقة نزلة السمان، وما يحدث ألان فى الاسكندرية والأقصر
من هدم للعديد من المباني التاريخية الأغراض مدنية، أو الاستخدام الزراعى مثل
منطقة (أبيدوس)، بالاضافة لأغراض تهدف الى حماية الاثار نفسها كما حدث فى إعادة
بناء معبدي أبوسمبل وفيلة، فعلى سبيل المثال: إذا تم فقد السجل الوحيد المحفوظ فى
النوبة فلن يمكن تجديده أو معالجته. فنحن لا نستطيع إنقاذ كل شئ، لذلك لابد من
التوثيق قبل ضياع الأشياء للآبد الذى يحفظ قيمة وخواص وأهمية الأثر.
- تقديم أداة لمراقبة وإدارة التراث، وتقرير وقت التدخلات
وميزانيتها مقدما إذا كان ممكنا وإنشاء سجل يسمح بإضافة المعلومات له بشكل مستمر
بمرور الوقت حيث أن الظروف تتغير باستمرار.
ثالثا: أخلاقيات
التوثيق
-
ليس من الأخلاق أن نرمم من غير توثيق أو إجراء تسجيل أو حتى توثيق جزئي.
-
يوجد القليل من
المقاييس والمبادئ الدولية لأهمية التسجيل
والتوثيق لذا يجب وضع أسس ومعايير ومبادئ لتوثيق الاثار خاصة بنا فى مصر.
-
لأن التعريفات
المستخدمة للرسم والتسجيل وتقارير وخرائط الحالة الراهنة والتدخلات ليست موحدة دوليا، فإننا نحتاج على الأقل أن
نكون منسقين ذاتيا وأن يكون لنا تعريفات موحدة لكل من المصطلحات السابقة.




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق