يكتبه. صفاء احمد / باحثة في ترميم الاثار المصرية.
** خلفية
تاريخية:-
اذا تتبعنا التصوير المصرى القديم منذ فجر
التاريخ نجد رسوم وزخارف بدائية محفورة اشتهر منها نوعان وهما :-
·
النوع
الأول:-
رسمه أهل الهضاب الشرقية والغربية المحيطة بالنيل على صخور التلال وجوانب
الوديان التى كانوا ينزلون بها خلال سعيهم وراء حيوانات الصيد وموارد المياه وتسمى
الرسوم الصخرية أو رسوم الصيد وقد وجدت هذه الرسوم فى صورة علامات محفورة ومخربشة
على حوائط الصخور على حافة وادى النيل وفى صحراء مصر العليا فى النوبة السفلى .
ولقد سلك الفنان فى تصوير هذا النوع من الرسوم ثلاث وسائل وهى اما بحز خطوط
على الصخر بأسنان حجرية مدببة أو برسم خطوط سطحية على وجه الصخر بقطع حجرية بيضاء
لينة أو بنقر فوق وجه الصخر نقرا خفيفا فى شكل نقط صغيرة متتالية.
ولقد قسمت هذه الرسوم طبقا لتطورها الى ثلاث أنواع من الرسوم وهم رسوم
بدائية متواضعة صورت بدايات الفن واقتصرت رسومها على تقليد هيئة الحيوانات حين
سكونها ورسوم مرنة صورت الحيوانات فى حين أمنها وحين خوفها من عدوها وحين تقع
فريسة فى يد صائدها .
·
النوع
الثانى:-
يعتبر من الرسوم القروية والتى رسمها أهل القرى والزراعة حين استقروا على
ضفاف النيل ولقد توفرت لها أسطح رخيصة مناسبة لحياة الزراعة والاستقرار وهى أسطح
الأوانى الفخارية ، حيث بدأت فى الصخور على الأسطح الخارجية للقدور والأوانى
الفخارية المصقولة والتى تأخذ غالبا اللون الأحمر أشكال عبارة عن تكوينات من
الخطوط البيضاء المتوازية والمتعارضة أى كانت تأخذ غالبا الشكل الهندسى بالاضافة
الى محاولات بدائية لرسوم حيوانية أو نباتية ، ومن المؤكد أن هذه الاسكتشات
والرسوم البدائية كانت البدايات الحقيقية لطرق الرسم التقليدية .
ولقد دفعت العقيدة الدينية القائمة على بعث الفنان المصرى وخلوده بعد البعث
الى نقل الزخارف التى رسمها على الأوانى الفخارية والتى كانت تدفن معه الى جدران
القبور والمصاطب بمختلف مظاهر الحياة التى ألفها المتوفى كى يستأنس بها عندما ترتد
اليه الحياة مرة أخرى وأقدم الأمثلة للتصوير على جدران المقابر تتمثل فى المناظر
التى وجدت على حوائط مقبرة الكوم الأحمر والتى ترجع الى أواخر عصر ما قبل الأسرات
والتى استخدم فيها الفنان رغم بساطتها العديد من المواد الملونة .
وهكذا وجدنا منذ ما قبل الأسرات صور جدارية ملونة تمثل الميت بين أهله
وخدمه فى عمله أو تمثل رغبات الميت وحاجته من طعام وشراب أو من حفلات موسيقية
ورياضية ومناظر الصيد ولكن بأشكال وخطوط فنية بسيطة .
ولم يقتصر الفنان فى بدايات عصوره التاريخية على رسوم الجدران بل استخدم
أسلوب النقش فقد أظهر الفنان المصرى منذ عصر ما قبل الأسرات مهارة فى حفر الصور
والأشكال المختلفة على الأحجار الصلبة والهشة والعاج مثل لوحة الملك نعرمر التى
أظهر فيها تفوقا عظيما بالنسبة للعصر التى صنعت فيه وقد استمر الفنان يعمل فى هذا
المضمار بشئ من الدقة مع بدايات العصور التاريخية وترك لنا ألواح من حجر الشست
ورؤوس الدبابيس والعاج وأوانى من الحجر مختلفة الأنواع والتى كانت مستخدمة لأغراض
الزينة .
ولقد فضل المصرى القديم أسلوب النقش على أسلوب الرسم ، وذلك كون النقش أبقى
على مر الزمن وهو الغاية التى هدف اليها المصرى القديم كذلك فان النقش يظهر
الأشياء وكأنها مجسمة بعض الشئ .
وكانت بدايات هذه النقوش ما كان يكتب على اللوحة التى كانت توضع أمام قبر
المتوفى اذ كان يقتصر فيها أولا على اسم صاحب المقبرة ، ثم اخذت تتدرج شيئا فشيئا
بتطور نظام الأسرة الاجتماعى حتى أصبحت تنقش عليها بزخارف ومناظر تمثل صاحب
المقبرة وزوجته وأسرته ولما نمت الاعتقادات الدينية وازدادت ثروات البلاد وأصبح
القبر مؤلفا من عدة حجرات نقش على جدرانها رسوم ومناظر الحياة اليومية ، وقد قام
الفنان القديم بتلوين نقوشه بعد اتمامها ولذلك جمع بين فن النقش والرسم .
وقد قام الفنان المصرى القديم بتصوير ما مر به من أحداث وأعمال يومية
بأسلوب النقش والرسم معا دون ترتيب بداية ثم فى خلال فترة الدولة الموحدة اتبع
النظام المتبع والسائد فى الكتابة الهيروغليفية والذى يعتمد تقسيم المساحة الى
مجموعة حقول عرضية متوازية فى فن التصوير ويذكر العالمان "أدولف
وهيرمان" أن فن النقش والتصوير المصرى القديم قد خضع لأسلوب التقسيمات ،
وهكذا أصبح من الواضح أن فن النقش والرسم المصرى القديم والكتابة الهيروغليفية
أصبحا متلازمين ويكمل كلا منهما الأخر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق