الفن والفنان اليوناني والروماني
يكتبه / أماني طه شلش
كانت الرغبة أولاً في تصوير
الأجسام المثالية وتزيينها بالملابس الجميلة والحُلي ، وحب الرياضة والرياضيين ،
والروح والمُثل العليا الرياضية ، وكانت الديانة اليونانية ثانياً التي تغلُب
عليها النزعة البشرية بتصرف الآلهة اليونانية وكأنهم من عامة البشر هما السببان
الرئيسيان في نشأة الفن اليوناني الذي يُعرف بأنه فن دنيوي وإنساني.
هذا الفن الذي بدوره أثر تأثيراً
كبيراً على البلدان القديمة والحديثة بثقافاتها خاصةً في مجال النحت والعمارة ،
حتى أنه أثر على الفن الروماني ذاته الذي استمد طاقته وأفكاره ونماذجه منه .
الفنان اليوناني - الذي كان يُحترم ويُقدر من قِبل الشعب ودولة المدينة - كان
يتخذ فنه الراقي كحرفة وصناعة يدوية ليس إلا - وارتقاء فنه هذا قد قَدِمَ من دقة
صنع الفنان لعمله والخبرة التي اكتسبها على مر العصور ، بالإضافة إلى حاجته
للمعرفة بفن تشريح جسم الانسان لاظهار مواطن القوة والصحة الجسمانية والتناسق
والجمال في فنه ، وأيضاً نتج هذا الارتقاء من وجود الحب والعاطفة الجياشة لدى هذا
الفنان والتي ظهرت في فنه بوضوح .
وقد طوّر الفنان اليوناني فنه خلال القرنين التاسع والثامن ق.م في فترة الفن
الهندسي وحاول هذا الفنان الوصول للكمال في فنه في فترات متعاقبة وأن يبتعد عن
التأثيرات الخارجية ، وفي القرن الخامس ق.م وحتى القرن الثاني ق.م في العصر اليوناني
الكلاسيكي ازدهر الفن اليوناني بشكل ملحوظ ، ولكن دوام الحال من المحال ، فانتهى
هذا الاذهار باحتلال الرومان على بلاد اليونان عام 146 ق.م , ولكن بالرغم من كل
هذا نجد ظهور ملامح هذا الفن جلية وواضحة في النماذج الرومانية.
أما عن الفن الروماني فلم يكن وليد نفسه بنفسه كفنون الحضارات العريقة ولكنه
استمد أفكاره من الفن اليوناني ، وبدأ باتخاذ المدرسة الواقعية أساس له في تصوير
فنونه ، فلم يكن الرومان شعب فني بطبعه ،فكان يميل هذا الشعب إلى الحرب حيث خُلقوا
لها قبل مولد أغسطس وقطفوا ثمارها بعد وفاته ليصبحوا حكام العالم .
فكان الشعب الروماني يبتاع الأعمال الفنية التي تجسد أساتذتهم الكرام بأغلى
الأثمان ، ولكن في الوقت ذاته كانوا يستحقرون الفنانين صانعي هذه الأعمال
ويعتبرونهم من فئة الخدم ، فكانت أشرف مهنة بالنسبة لروما هي الزراعة والفلاحة
التي تعينهم على غزو البلاد ، حيث قال " لوقيوس أنـّايوس سـِنـِكا " الفيلسوف الروماني
: " إنا وإن
كنا نعبد التماثيل لنحتقر الذين يصنعونها " .
نبذة عن فن النحت
اليوناني والروماني
كان
لاحتكاك اليونان بالحضارة المصرية القديمة عبر التجارة عام 660 ق.م تأثير كبير على
المنحوتات اليونانية ، فكان يُطلق على هذا الأسلوب اسم الأسلوب المشرقي ، وامتد
العمل بهذا الأسلوب من نهاية القرن السابع 660 ق.م وحتى 480 ق.م وهي تلك الفترة –
التي تسمى بالعصر الأرخي - التي انتصر فيها اليونانيون على الفرس في معركة سلاميس
، ونتج عن هذا الانتصار ظهور فنهم في العمارة والنحت ورسومات الأواني مفعم
بالحيوية وبالأفكار الشرقية .
وظهرت
في بلاد البلوبونيز مدرسة قوية للنحت آن ذاك ، وكان من أهداف هذا الفن ؛تخليد الموتى بالأعمدة
البسيطة، ثم برؤوس تماثيل قائمة على قواعد، ثم بتماثيل كاملة أو لوحات جنائزية
منقوشة.
وكانت أيضاً
تُنحت التماثيل استثناءاً للفائزين في جميع مباريات الألعاب الرياضية الخماسية ،
حيث يبرز هذا صحة الفائز الجسمانية وتناسقه ، فيستحق هذا اللاعب أن يُتوّج كنموذج
للجسم البشري السليم .
أما عن النحت الروماني فتأثر هذا الفن كثيراً بالفن
اليوناني وظهر مقلداً له في صناعة تماثيل الآلهة ، وزاد عليه بتماثيل تعبيرية تمثل
قادة القياصرة مرفوعين إلى مستوى الآلهة




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق