--> الكشف عن آثار منطقة تونا الجبل (هرموليس الغريبة) - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home تاريخ اليونان والرومان

الكشف عن آثار منطقة تونا الجبل (هرموليس الغريبة)

 

الكشف عن آثار منطقة تونا الجبل (هرموليس الغريبة)([1])

  محمد رشدى عبد المنعم   ... مفتش اثار المنيا الشمالية


"كان معروفاً منذ أمد بعيد أن الرمال التى تئن بها الصحراء على جانبى الوادى تخفى مدافن هرموبوليس، خاصة وأن بعض هواة الآثار كانوا قد تسللوا إليها فى بداية هذا القرن واستخرجوا من بين جنباتها ألواناً من الفن الرائع ومومياوات الأيبيس والقطع البرونزية، كما كانت مجموعة "ماك جريجور" وقتئذ تزخر بعدد من القطع الجميلة التى هربها لصوص الآثار، ورغم ذلك فإن معاول المنقب لم تصل إليها قبلهم".

"وفى عام 1919 وبمعونة من أحد سكان مدينة الأشمونين الذى أرشد عن موقع المدينة قامت هيئة الآثار بإجراء حفائر عملية أسفرت عن اكتشاف مقبرة الكاهن بتوزيريس على يد العالم الفرنسى "جوستاف لوففر".

الذى سجل نتائج عمله فى مؤلف رائع يقع فى ثلاثة أجزاء عنوانه Le tombeau de petosiris والذى نشره عام 1944، عرض فيه تلك المقبرة وزخارفها ذات الذوق المصرى الذى يحمل بين ثناياه روحاً إغريقية وكانت بمثابة اللبنة الأولى فى مجال دراسة الفن المختلط أو بالأحرى التأثيرات المبكرة للثقافة الإغريقية فى مصر منذ فتح الإسكندر الأكبر".

"ولا يسعنا هنا إلا أن نذكر بالفضل ذلك الجهد الكبير الذى قام به العالم المصرى "د. سامى جبرة" صاحب فكرة استكمال عملية التنقيب لسبر غور تلك المنطقة الوعرة. واستطاع أن يبذل كثيراً من الجهد ممثلاً للجامعة المصرية وبتضحيات كبيرة وجهد شاق لا يقدره إلا من عمل فى مجال التنقيب، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار صعوبة الوصول لموقع تونا الجبل حالياً فلم تكن وسائل النقل مريحة".

بل لك أن تتخيل لكى تصل لذلك الموقع كان عليك أن تمتطى حماراً يقطع بك المسافة بين ملوى حتى تونا الجبل ماراً بالمناطق الزراعية والصحراوية، ناهيك عن عبور بحر يوسف ولم يكن هناك جسر أو كوبرى، مجمل القول أنه بفضل جهد ذلك المصرى الأصيل ولفته الأنظار إلى ذلك الموقع عقب الاكتشافات الأثرية المهمة المتتالية صارت المنطقة مزاراً ومحجاً يقصده كثير من الشخصيات المهمة والرسمية وقتئذ، فاهتموا بالمنطقة وأصبح الوصول إليها لا يستغرق ساعة بعد أن كان رحلة من العذاب المر لترى الآثار الرائعة".

ولم يقتصر إسهام العالم المصرى د. سامى جبرة على ذلك فقط بل فى خلال خمس مواسم عمل متتالية من عام 1931 وحتى 1935 استطاع أن يكشف عن مدينة متكاملة محور ارتكازها مقبرة بتوزيريس وتضم بين جنباتها مقابر يرجع تاريخها إلى الفترة من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى نهاية القرن الثالث الميلادى، تنقسم على ثلاث مجموعات... المجموعة الأولى يمكن أن نطلق عليها مقابر على معابد تخطيطها العام يماثل تخطيط مقبرة بتوزيريس لكنها متأثرة بالعمارة اليونانية تأثيراً تاماً إلى جانب العنصر المصرى.

وهى من الداخل عبارة عن فناء يؤدى إلى غرفة جنازية بها بئر دفن. ومن الخارج هى خليط من العمارة المصرية واليونانية، فهى تقوم على قاعدة مبنية Podium، وأمامها مبخرة تتوسط ممر مكسى بالحجارة ويشبه الشكل العام شكل Cella اليونانية، بينما الزخارف والشكل الجانب لهما مصرى، وطراز النوافذ وتيجان الأعمدة تتوافقان من حيث الشكل مع الطراز العام".

جميع مقابر هذا النوع مبنية من الحجر الجيرى المصقول جيداً ولكنها تخلو من النقوش والزخارف عدا مقبرتى يتوزيريس وباديكام وأن الذى جاء تخطيطه مصرياً جاء متأثراً بعناصر إغريقية والانطباع الأول الذى يدخل نفس وقلب الزائر لتونا الجبل أن هذه المقابر شيدها أفراد وسلالة بتوزيريس وأن هذه المعابد لا نظير لها حتى اليوم فى منطقة أثرية أخرى بمصر.

المجموعة الثانية وهى مقابر رومانية على هيئة منازل بنيت من الطوب اللبن وكسيت بطبقة من الملاط، تخطيطها هو صورة مؤكدة لمنازل الطبقة الوسطى، وهى منازل جنازية زخارفها تطابق زخارف منازل الحياة اليومية، كان المتوفى يسجى فوق أريكة جنازية فى الغرفة الداخلية الرئيسية. وقد تجاورت هذه المنازل ويفصل بينها شوارع بما يشبه مدن الأحياء ويمكننا أن نقرر هذه المنازل هى مقابر تستخدم بنفس الأسلوب الذى استخدم فى المقابر على شكل معابد لذا نجدها تحيط بها.

أما المجموعة الثالثة من مقابر تونا الجبل فهى تلك الجبانة المقدسة التى تضم رفات مومياوات الأيبيس وأبو منجل رمزاً للإله تحوت، وقد كشفت أعمال الحفائر على أربعة سراديب يتراوح تاريخها للفترة من نهاية العصر الصاوى وحتى العصر الرومانى وتضم إلى جانب التوابيت والقواديس معابد جنازية ملكية لتقام فيها طقوس الدفن كما عثر على حجرة التحنيط وبعض التماثيل.


 



([1]) إبراهيم سعد، نفس المرجع، صفحة 55.

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top