الملامح
والعناصر الفنية لفن النحت اليوناني
تقديم / أماني طه شلش..... مفتشة اثار
كان
يونان أيونيا أول من عرفوا فوائد جعل الثياب عنصراً من عناصر صناعة النحت. ذلك أن
الفنانين في مصر والشرق الأدنى كانوا يجعلون الأثواب جامدة ملتصقة بالجسم، ولم تكن
تزيد على مئزر حجري كبير يخفي الجسم الحي، ولكن المثالين اليونان في القرن السادس
أدخلوا الثنايا في الأقمشة، واستخدموا الثياب للكشف عن مصدر الجمال الأول وطرازه
وهو الجسم البشري الصحيح السليم.
وكان ملمح العري من الملامح الفنية المميزة لفن النحت
اليوناني عن فنون الشرق القديموهو ملمح اختص بهالفن اليوناني عن غيره ، ولكن التزم
النحات بحدود في تمثيله للأشخاص في عريهم, فقد ظلت هذه التماثيل قاصرة على الذكور
لأكثر من قرن منذ بدأ هذا الفن, ولم يظهر نحت لأمرأة عارية إلا في القرن الخامس
ق.م. وأيضا يظهر هذا الأسلوب في نحتالآلهة، فالآلهة الذكور تظهر عارية أما الآلهات
فيظهرن في رداء إلا في حالة إلهة الحب عند اليونان"أفروديتي" فكانت تماثيلها
في الغالب عارية.
وقد انفرد النحات اليوناني بدراسة تشريح الجسد البشري ،
ولذلك فنجده اهتم بالأوضاع الفنية التي تبرز جمال الجسم وحركات العضلات وإبراز
أشكالها .
قام هذا الفن على الواقعية في النحت ، حيث أن النحات كان
يصنع تماثيله مقاربة للطبيعة وبعيدة عن التصنع ، ويخضع لقوانين النسب والمنظور ،
وكان هذا الفن حركي لا يقوم على التناظر والتوازن كما نجده في الفن المصري القديم
،
وقد تميز
فن النحت اليوناني بالتعبير الصريح في تصوير الواقع اليوناني بطريقة بحتة ، حتى وإن
كان ذلك يشير إلي إنحراف أخلاقي مثل ميل الرجال إلي الصبية الذي كان معروفاً في
المجتمع اليوناني. وخير ما يمثل هذا التعبير الصريح في إنحراف المجتمع اليوناني هو
تمثال كبير الألهة "زيوس" وقد حمل الصبي "جانيميديس" ومع
الصبي الهدية التقليدية التي كانت تقدم للصبي المحبوب وهي الديك، وهذا يوضح أن
الفن اليوناني لم يختبئ وراء الرمز في تصوير ما يراه أو ما يعتقده المجتمع بل كان
يعتبر عنه بشكل صريح.
زيوس يحمل
الصبي جانيميديس من التيراكوتا
من
العصر الأرخي بمتحف أولمبيا
ونجد أيضاً من ملامح هذا الفن ظهور التماثيل اليونانية
بالحجم الطبيعي ، بالإضافة إلى اهتمام النحات بنحت ملمح الوجه بكل
دقة وبكل تعابيره سواء في التماثيل الكاملة أو النصفية ، وهذا عكس لنا حجم التطور
الذي بلغه هذا الفن ، ونجد من هذه التعابير الابتسام أو في مرة أخرى ينحت الوجه
بأسلوب حركي عكس باقي الجسد الجامد الحركة كتمثال سائق العربة الذي يعود لبداية
القرن الخامس ق.م وهو من البرونز وقد حاول النحات فيه بأن يجمع بين السكون والحركة
البسيطة التي تتمثل في لفتة الرأس ، وأيضاً نجد تعبير الهدوء الواضح على الوجه
بالرغم من حركة العنيفة التي يقوم بها اللاعب كتمثال
رامي القرص الكامل للنحات "ميرون" في منتصف القرن الخامس ق.م، وكتمثال
نصفي يرجع لحوالي 440 ق.م للفنان "فيدياس" للآلهة "أثينا" .
تمثال
سائق العربة من البرونزبمتحف دلفى
من 475 –
470 ق.م
بالإضافة
إلي أن النحات اليوناني اهتم بنحت تماثيل الآلهة وتماثيل الأبطال الرياضيين المولع
بهم ، حيث كان النحات اليوناني مولعاً بالبطولة وأيضاًكان النحاتون
اليونان مهتمين بمتابعة الألعاب الرياضية حتى يتمكنوا من دراسة الانفعالات النفسية
التي يشعر بها اللاعبون عندما يقومونبحركاتهم الرياضية المختلفة، وبذلك أضفوا على
تماثيلهم القوة والحيوية الطبيعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق