--> نهر النيل - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home مقالات مصر القديمة

نهر النيل

 

مصر من التكوين وحتى الفتح الاسلامي ج4

بقلم د/نزيه سليمان

نهر النيل

افترض البعض وجود نهر اسبق لنهر النيل أو جد له في الصحراء الغربية، ولكن هذا الفرض يحتاج إلى أدلة لتثبت صحته، إلى جانب بعد منبعه عن النيل الحالي ب 100 كم وقد ناقش العلماء هذا الفرض واثبتوا عدم صحته جيولوجيا[1].

ونهر النيل نهر نشأ في عصر الميوسين على الأرجح، أو على اقل تقدير في العصر التالي البليوسين على أقل تقدير، ويدل على ذلك الأتي:

1-                   عثر على رواسب بليوسينية في قاع وعلى جانبي الوادي ما بين القاهرة والفشن (جنوب محافظة بني سويف)

2-                   وجدت بقايا وحفريات بليوسينية مبعثرة بين أسيوط وإسنا، وترجع تلك البقايا إلى مياه نهرية عذبة.

ففي أوائل عصر البليوسين ارتفع منسوب مياه بحر تثيز 180م فوق مستوى البحر فغمرت مياهه واحتلت ارض مصر في المناطق والخطوط المنخفضة، فتكون ذلك الخليج البليوسيني الذي ترسبت على جوانبه وفي قاعه البقايا البليوسينية، وفي أواخر العصر البليوسيني انخفض البحر وارتفع اليابس فانحسر البحر تاركاً رواسبه تغطي وادي النيل مم يبرهن على وجود النهر في هذا العصر أصلا إن لم يكن موجود أصلا من عصر الميوسين.

ويفترض العلماء إن نهر النيل كان موجود في مصر منذ أواخر عصر الميوسين، وكان له عدة فروع اصغر تصرف مياهه في بحر التثيز القديم، قبل تكوين الدلتا، وبنهاية الميوسين حدثت عملية رفع في الهضبة المصرية جعلت الأرض تميل ناحية الشمال مما زاد من عملية التعرية النهرية، مما جعل النهر يحفر مجراه ويعمقه بضعة أمتار، وكان هذا النهر نهر محليا خالصا، منفصلا عن انهار الحبشة تغذيه منابع في جبال البحر الأحمر، ولكن لماذا اتخذ نهر النيل مجراه الحالي؟؟ اتخذ نهر النيل مجراه الحالي لأنه المكان المنخفض بين الصحراوان، وانخفض هذا المكان بسبب حركات التوائية ثم انكسارات حدثت في العصر الميوسيني، وبنفس الطريقة نشأت الدلتا المصرية المرتبطة بالحركات الانكسارية في شبه جزيرة سيناء وخليج السويس.

أما عن اتصال النهر بمنابعه العليا فقد حدث في عصر البليوسين بعد غزو مياه بحر تثيز للأرضي المصرية المنخفضة آن ذاك، واحتلال نصف النهر على اقرب تقدير، وبعملية نحت تراجعي ضمن للنهر اتصاله بمنابعه الجديد في الحبشة.


 وبهذا وعلى كل الأحوال فإن النيل لا يدين بمنبعه إلى الحبشة ولا إلى غيرها، ولكن يدين لظروف جيولوجية مصرية خالصة، أنشأت هذا النهر العظيم الذي غذى أرض مصر بالخير الوفير ومنح أهلها القدماء الاستقرار وقامت على ضفافه الحضارة التي يدين لها العالم بأثره، وبذلك يصبح نهر النيل نفسه هبه للجيولوجيا، والجغرافيا الطبيعية لمصر، او بمعنى أخر (مصر هبة الجيولوجيا والجغرافيا ثم النيل والمصريين).

والآن كيف تم بناء  الوادي والدلتا؟؟ وهل تختلف تركيبة كل منهما؟؟ وكيف هذا إن وجد؟؟؟ وما هي مركبات كل منهما؟؟

بنــــــــــــاء الوادي:

إذا كان النيل قد بدأ قديماً في أواخر عصر الميوسين، أو في عصر البليوسين على أقل تقدير، فمتى بنا واديه؟؟ وكيف تكون هذا الوادي؟؟ إن رواسب الخليج البليوسيني الذي غُمر كلياً بعد ارتفاع منسوب مياه بحر التثيز إلى 180م فوق مستوى سطح البحر، في عصر البليوسين، هو الأساس المشترك بين الوادي والدلتا، وهي البطانة الأولى التي تبطن قاع الوادي المصري كله، وتستقر طبقة الرواسب البليوسينية في الوادي مباشرةً على قاعدة أيوسينية، بخلاف الدلتا التي تستقر الرواسب البليوسينية على قاعدة ميوسينية، وللتبع الأستيراتيجرافي للطبقات في الوادي نجدها كالتالي:

أيوسيني – لاميوسيني- بليوسيني- فبلايستوسين.

وتتم عملية البناء أفقيا ناحية الجانبين وربما ناحية الارتفاع قليلا.

مكونات بنية الوادي:

هناك ثلاث تكوينات أساسيه وهي

رواسب أسفل الدلتا

الطمي القديم

الطمي الحديث

وهذه التكوينات الثلاثة هي المكونة لأرض الدلتا أيضا.

ويعطي (فوتر) تصويرا للطبقات السائدة في مصر من خلال شرائح وتكوينات كالآتي[2]:

الشريحة وسمكها

التكوين

من صفر إلى 5م

طين صلب يتراوح إلى طين رملي

من 5م إلى 10م

طين رملي

من 10م إلى 15م

رمل طيني

من 15 إلى 20م

رمل غني بالميكا

من 20 م إلى 25م

حصباء

من 25م إلى 30م

طبقة سفلى من الطين عادة

من 30م إلى 40م

رمل خشن وحصباء غليظة

بنـــــــــــــاء الدلتا:

تستقر الرواسب البليوسينية في الدلتا على قاعدة ميوسينية، وللتبع الأستيراتيجرافي للطبقات في الدلتا نجدها كالتالي:

أيوسين-ميوسين- فبليوسين- فبلايستوسين.

وكان نمو الدلتا يتم في صورة خطوط وألسنه طويلة ومتراصة من الشطوط والرواسب على محاور طولية متشععه داخل الخليج وفي قلبه، ثم أخذت رواسب الفروع تغلق وتملا الفجوات بين هذه الشطوط والألسنة لتشكل على مر العصور الدلتا الحالية، وكان تقدم الدلتا ونموها يتم بصورة كبيرة في الجنوب ويتبطاء شمالا كلما اقتربنا من البحر، وعدما دخل مينا الدلتا محاربا ومنتصرا وموحدا للمكلتين كان منسوب الدلتا اقل من الآن بنحو 5 م ولذلك وجد بها كثير من جزر والمستنقعات.

والآن ما هي التطورات التاريخية التي مرت بالنهر؟؟؟

بعد ظهور الآنسات الأول في مصر، حدثت بعض التغيرات في مجرى نهر النيل، كتحول طبيعي من مرحلة الشباب إلى مرحلة النضج، والتغيرات التي تتعرض لها الأنهار بشكل عام إما تغيرات مستمرة أو دورية أو تغيرات مرحلية وقتية، وقد عرف نهر النيل في فترات التاريخ البشري بعض التغيرات سواء في مجراه، أو مستواه أفقيا أو رأسياً، أو في منسوب مياهه.

وقد بدأ النهر يتحول من مرحلة الشباب إلى مرحلة النضج بتعميق مجراه، ومن الاندفاع الاعتدال والتهذيب، وبصورة إقليمية كانت تغيرات التي طرأت على نهر النيل تزداد كلما انحدرنا مع التيار شمالاً، فالتغيرات في الوادي اقل منها في الدلتا، بل والتغيرات في جنوب الدلتا أقل من شمالها.

والتحولات التي شهدها نهر النيل كانت تحولات عكسية بين الجنوب والشمال، فبينما كان النهر يرفع مستوى قاعه وواديه في الجنوب كان في الشمال باتجاه عكسي يهبط وينحط مستواه.

ويمكن إجمال التغيرات المحلية التي حدثت لنهر النيل في سبع تغيرات رئيسيه هي:

1-         ارتفاع مستوى الوادي

منذ اتصال النيل المصري بالنيل الحبشي والغرين يتدفق مع الماء ويترسب في قاع النهر ليرفع مستوى القاع والوادي، ومعدل ارتفاع قاع النهر حوالي 12 سم كل قرن و 1.03 ملليمتر كل عام[3]، وبذلك تكون الأراضي المصرية قد ذاد سمكها و ارتفاع منسوبها حوالي 5م على مدار التاريخ المصري.

1-         انكماش بحيرة الفيوم

بحيرة الفيوم (مي – وير) وهذا هو الاسم الفرعوني للبحيرة بحيرة اختلف في اتساعها وارتفاع منسوبها في عصور ما قبل التاريخ، أما في المرحلة التاريخية في مرحلة انخفاض وهبوط عام في مستوى سطح البحيرة،  ويدل على ذلك المدرجات المحيطة بالبحيرة والتي كانت يوما ما شواطئً لها في مراحل انكماشها، والمسألة أساسا تكمن في طمي بحر اليوسف وضيق مجراه والعجز عن تطهير مجراه في بعض الأحيان وزيادة منسوب البخر وقلت المياه القادمة لبحر اليوسف، وبتتبع مقياس البحيرة نجد أن منسوب المياه في ما قبيل التاريخ ما بين +25م و +22م وفي الدولة القديمة كان منسوبها +21م + 20م وفي الدولة الوسطى دخلت البحيرة ضمن مشروع الري المصري واستخدمت لتخزين المياه الزائدة عن طريق بحر اليوسف، وتم التحكم في مستوى البحيرة ولكن لم تشهد     

 البحيرة انخفاض في مستواها مثل ما كان أيام البطالمة حيث وصل مستواها إلى -2م وهذا الحد لم تصل إليه البحيرة على مدى تاريخها القديم، غير هذه المرة بسبب مشروعات الإغريق الزراعية الطموحة،  ومن يومها ومستوى البحيرة ما دون الصفر من مستوى البحر ففي القرن الثالث عشر الميلادي وصل مستواها إلى -30م وحاليا حوالي -45م تحت سطح البحر.

2-          تغيرات المجرى الرئيسي في الوادي:

تقتصر تغيرات المجرى الرئيسي في العصور التاريخية على عمليتي التعرية والإرساب، فيما بينا الضفتين وتقل كلما اتجهنا جنوباً، ولذلك نجد أهم التغيرات النهرية تقع بداية من ثنية قنا ثم شمالاً إلى نهاية النهر، وتتمثل تغيرات النهر لمجراه في نحت جزء من الضفة وإرسابه في الضفة المقابلة أو نقل جزيرة وبناء جزيرة أخرى، وبذلك تكون العملية من نحت وتعريه ونقل وإرساب متوازية ومتعادلة، إلا إذا كان النقل من جانب إلى أخرى لفترة طويلة وبذلك ينقل النهر مجراه كليا، فتختفي مدن قريبة من الشط المنحوت وتقترب مدن أخرى للنهر من نفس الشط، بينما تبتعد مدن أخرى عن النهر في الشط المقابل بفعل الترسيب، وقد حدث هذا بالفعل على ما يبدوا في صعيد مصر لأكثر من مرة، فالرحالة الإغريق والرومان الذين زاروا مصر أمثال هيرودوت وديدور، يصفون أماكن كثير من المدن على الضفتين ومكان قرب هذه المدن أو بعدها عن النهر مما يسهل عملية التعرف على مرات غير فيها النهر مجراه خلال العصر الكلاسيكي، كما غير نهر النيل مجراه إلى الغرب في العصور الإسلامية انظر (الشكل 2)

3-         تغيرات الفروع في الدلتا:

الدلتا، المكان الأكثر تغيرا عبر التاريخ المصري، تغييرات كثيرة ومعقده استمرت خلال التاريخ المصري القديم، واستمرت في العصور الكلاسيكية والعربية، فروع كثيرة انقرضت واندثرت وما تبقى منها سوى فرعي رشيد ودمياط، وللتبع هذا التطور في العصور الكلاسيكية بإيجاز، نذكر ثلاث مصادر مهمة في هذا الصدد واحده منها فقط للجغرافي، وهذه المصادر هي المؤرخ هيرودوت (القرن 5 ق.م)- المؤرخ استرابون(القرن 1ق.م) - الجغرافي بطليموس (القرن 2ق.م).

ثمة اتفاق ولو بسيط بين الثلاثة مصادر، ولكن يمكن تفاضي الاختلاف بشيء من تقريب المسميات، فقد ذكر هيرودوت 7 فروع للنيل في الدلتا، (شكل4) كما ذكر سترابو أيضا سبع فروع مع اختلاف بسيط في المسميات والموقع، أما بطليموس فهو الجغرافي الوحيد بين الثلاثة، والوحيد الذي وجدت خريطته الأصلية التي رسمها بخط يده، ولكنه ذكر تسع فروع للنيل في الدلتا وفرعا يقسم الدلتا عرضيا ويوصل بين الفروع التسع، وقد يكون هذا فرع صناعي حفر في مصر أثناء العصر الفرعوني للتسهيل عملية الري وتوصيل المياه الكل أراضي الدلتا، والتخلص من مياه الفيضان الزائدة بالاستفادة منها، وبمقارنة أسماء الفروع التي ذكراها بطليموس بما ذكره هيرودوت وسترابو نجد بعض الاتفاق، ولكي نوجز الأمر ونعرض المصادر الثلاثة ونقارنها نعتمد على الجدول التالي لمعرفة المصادر بصورة أفضل ثم مجموعة الخرائط التابعة للجدول للتوضيح[1]:

هيرودوت - مصبه

سترابو

بطليموس

المسمى الحالي

البيلوزي (الفرما)

البيلوزي

البوبسطي

الشرقاوية- أبو الآخضر- فاقوس

السايسي (الجميل)

التانيسي

التانيسي

مويس وحادوس جزئيا

المنديزي (رأس البر)

المنديزي

المصب المنديزي والفرع البوصيري

البحر الصغير جزئيا

البوكولي (صناعي)

الفاتميتي

المصب الفاتنيتي

والفرع الاتريبي

فرع دمياط جزئيا

السبنيتي(بوغاز البرلس)

السبنيتي

السبنيتي

بحر شبين

البولبيتي (صناعي)

البولبيتي

تالي

فرع رشيد جزئيا

الكانوبي (أبوقير)

الكانوبي

أجاثو ديمون

المصب الهرقلي

بحر دياب والمحمودية

 

 

-

 

 

-

البوتي عرضي من البيلوزي حتى الكانوبي (الهرقلي)

 

 

-

إذا أمعنا النظر في الجدول يتبين أن الأسماء التي ذكرها البعض على أنها فروع قد تكون مصبات لفرع أصلا من الفروع المذكورة في كافة المصادر، ولكن الشيء الغريب في الجدول ما ذكره هيرودوت عن فرعي رشيد ودمياط من أنهما صناعيين، أي قام البشر بشقهما، هل من المعقول أن ترث الفروع الصناعية هذه الشبكة الطبيعية العملاقة؟؟؟

ومن الخرائط القادمة يتبن أن الفرع البلوزي كان يخترق البحيرات المرة ليصب في البحر الأحمر عند خليج السويس، فهل كان النيل منذ البداية نهراً متوسطا وأحمريا في نفس الوقت؟؟ كما تبين الخرائط التالية؟



فروع الدلتا عند هيرودوت حسب تفسير بول



فروع الدلتا عند هيرودوت حسب تفسير عمر طوسون

أما في العصر العربي: فتظهر صورة الدلتا أيضا بشيء من التعقيد والاختلاف، ولكن يمكن إيجاز الصورة بعيد عن الاختلاف في أشياء مهمة، تفيد البحث أكثر فأكثر، ففي العصر العربي زار مصر مجموعه من الجغرافيين العرب، ورسموا خرائطهما التوضيحية للدلتا وذكروا عدد فروعها التي لم تتجاوز ثلاث فروع في العصر العربي تصد منهما فرعي دمياط ورشيد وبدأ الفرع الثالث في التلاشي، ومن هؤلاء الجغرافيين ابن عبد الحكم (ق9م)  ابن سرابيون (ق10م)  الإدريسي (ق12م)، ويمكن إجمال أراء هؤلاء الجغرافيين في الآتي

أ‌-          عدد الفروع لم يتعدى 3 فقط، وإن خالف ابن عبد الحكم ذلك وذكر أربع فروع.

ب‌-     احتل فرعي رشيد ودمياط الصدارة في الشبكة المختزلة ولكنهما لم يظهرا للوجود بصورتهما الحالية إلا في القرن 10م.

ت‌-  الفروع القديمة اختفت أو اختنقت وأصبحت تخرج من الفرعين (رشيد ودمياط) وتعود لتصب فيهما مره أخر مشكلةً مجموعه من الجزر على طول الفرعين، مثل بحر شبين.

4-         هبوط ساحل وشمال الدلتا:

تعرض الساحل الشمالي للدلتا خلال العصور التاريخية للهبوط، وضياع بعض أجزائه تحت الماء، والعملية العليمة لا شك فيه فالأدلة والوثائق تثبتها إثباتاً دامغاً، لا مجال للشك فيه، وإن اختلف العلماء في أسبابها وتفسيرها، والأسئلة التي تطرح نفسها في هذا الصدد كثيرة خاصة بعد ارتباط هذه الظاهرة بظاهرتين أخرتين هما نشأة البحيرات الساحلية، ونشأة البراري، بشكل يصعب معه تحديد أي الظواهر الثلاثة اسبق، ومن هذه الأسئلة متى هبط الساحل، وهل هبط اليابس أم ارتفع الماء، وما هي الأسباب هل هي طبيعية أم بشرية أم الاثنتان معاً، .....الخ.

وظاهرة الهبوط الساحلي للدلتا أدلتها كثيرة، مثل الآثار البطلمية الغارقة في الإسكندرية بالشاطبي، وآثار كوم الشقافة الغارقة تحت المياه الجوفية بالإسكندرية أيضا، وكذلك غرق جزيرة انتيرودس، التي كانت تتوسط الميناء الشرقي في العصور الكلاسيكية، ثم غمرها البحر وغرقت أسفله، والى المنطقة المجاورة لأبوقير والمصب الكانوبي ثلاث مدن غارقة تحت البحر وهي (هيراكليوم – منوتيس – كانوب) وهذه المدن كانت عامرة بالسكان في العصور الكلاسيكية، وفي وسط وشرق الدلتا بقايا كثيرة تدل على هبوط الساحل كما تعتبر بحيرة المنزلة متحف لبقايا المدن والقرى الغارقة، كما تعتبر البراري نفسها شاهداً أكيد على حدوث هذا الهبوط الساحلي.

ومما يدعم هذا الهبوط تاريخيا ما ذكره المقريزي (ق 14م) من غزو البحر لبحيرة تنس (المنزلة حاليا) وإغراق كثير من المدن الواقعة عليها، وقد اختلف العلماء إلى فريقين قال احدهم بهبوط الأرض، وقال الآخر بارتفاع مياه البحر، ولكن النظرية الأولى اعم انتشار.

5-         تكوين بحيرات الدلتا:

اختلف العلماء في وقت ظهور البحيرات، وهل ظهرت بعد هبوط الساحل أم قبله، ولكن برواية المقريزي السابقة يتبين وجود البحيرات قبل هبوط الساحل الشمالي للدلتا، واختلف العلماء أيضا في أصل البحيرات هل هو بحري أم نهري أم الاثنان معا، بحيث تكونت البحيرات من فروع النيل المندثرة ثم اتصلت فيما بعد وقت هبوط الساحل بالبحر، وهذا هو الأقرب للرأي العام للعلماء.

6-         نشأة البراري:

الظاهرة الأخيرة، البراري، تذكر النصوص الفرعونية ومن بعدها الرحالة اليونان على أن الدلتا كانت مركز للبرك والبراري والمستنقعات، وهذا شأن أي نهر حديث الإرساب في منطقة مثل مصبات الدلتا، واختلف العلماء في أسباب نشأت البراري، هل هو الغزو البحري (عامل طبيعي) أم إهمال البشر في تطهير وصرف هذه المناطق المنخفضة من الدلتا (عامل بشري)، وقد يكون العاملين معا، وزحفت البراري بعد تكوينها خلال عصور متلاحقة.





[1] - راجع: جمال حمدان: السابق، صـ 190-200.


[1] - محمد عوض محمد: نهر النيل، القاهرة 1948.

[2] - جمال حمدان: السابق، ج1، صـ157.

[3] - المرجع السابق: صـ176.

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top