المقابر الملكية نبذة عن النشأة والتطور ج1
تقديم د/ نزيه سليمان
منذ فجر التاريخ والمصرى القديم يؤمن بالبعث والخلود، ولذلك كان
المصرى القديم يضع موتاه فى وضع القرفصاء، مثل وضع الجنين فى بطن أمه،وكأنه مولود
ينتظر الولادة، وقد اهتم كذلك بوضع الأثاث وأدوات الاستعمال اليومى معه،
لاستعمالها فى الحياة الثانية، وقد بدأ المصرى بالعمل على تحنيط موتاه، والحفاظ
على أجسادهم، فكان القبر بمثابة البيت الأبدى للميت،كما نسب الأثري ولتر إمري خمس
مقابر من مقابر سقارة إلى خمس ملوك من ملوك بداية الأسرات، على الرغم من أن منهم
من شيدوا لأنفسهم مقابر أخر فى جبانة أبيدوس المجاورة لمدينة "ثني"
بالصعيد وبرر إمري ذلك بأنه كان لكل ملك مصري قبران قبر باعتباره ملك للوجه البحري
وقبر باعتباره ملك للوجه القبلي، وأن كل قبر منها كان يبنى بأسلوب العمارة وتقاليد
الدفن الشائعة فى أحد الوجهين، ولما يكن من المعقول دفن الملك فى قبرين، كان لابد
أن يكون أحدهم قبر فعلي والآخر ضريحاً رمزيا .
كما احتفل زوسر بعيد السد بالقرب من هرمه فكان يسلك طريقاً قصيرة جانبيه تبدأ من
أول البهو وتمتد حتى فناْ العيد، وهو فناء فسيح واسع حفت بجانبية مقاصير فخمة،
بنيت الغربية منها بأسماء أرباب الصعيد، وشُيدت الشرقية منها بأسماء أرباب الوجه
البحري، وتصدرت الفناء منصة حجرية متسعة ترتفع عن الأرض بنحو متر، ويؤدي إلى سطحها
درجان فى واجهتها الشرقية وكانت تعلوها مظلتان، تضم إحداهما عرش الصعيد وتضم الأخر
عرش الدلتا، وكان القبر الملكى يعرف بـ pA xr بمعنى "مكان الخلود" أو tA st pr aA بمعنى "مكان الفرعون" فى بداية الأمر يحاط بسور، ويبنى داخل السور بعض مقابر الأتباع، ثم
بنيت المصاطب، ثم عُرف الطريق لبناء الأهرام.
طراز المبانى السلفية(72) :
لابد من تحديد الاختلاف بين المقابر الملكية والمقابر الخاصة , حيث
استفادت المقابر من النوع من المهارة والدقة الفنية لأفضل الصناع .
الطراز الأول:
وهو عبارة عن مقابر ملكية في كل من ابيدوس وسقارة, تنبثق مباشرة من
المقابر المشيدة بالطوب اللبن من بداية عصر الأسرات, ويتكون المبنى العلوى لهذا
الطراز من حجرة مستطيلة من الطوب اللبن يغطيها سقف من القوائم الخشبية والبوص أو
الحصير ثم كسيت بالطين، ووضعت القوائم الخشبية بطول الجدارين الرئيسيين الداخليين,
ربما لتثبيت تكسية خشبية كما هي الحال في مقابر عحا و مينا وثلاث
ملكات، واستبدلت هذه الغرفة البسيطة مباشرة بغرفة أخرى مربعة الشكل عميقة داخل حفرة كبيرة مكسوة بالخشب ومثبتة فى جدران
فاصلة من الطوب، كمقبرة جر ومقبرة الملك
جت, التى تشبه المقبرة السابقة كانت أرضية من الطين أقيم فوقها اطار مربع من الدعامات
الخشبية التى تحمل ألواحا خشبية سميكة، ومثلما فى مقبرة جر ضمت الجدران الفاصلة
المستخدمة كمخازن, كسوات طليت باللون الاحمر، وكذلك كانت مقبرة الملكة مرنيت من
نفس الطراز, ولكنها بجدران مزدوجة، وكان يجب أن تلحق أيضا كل من المقبرة نقادة
العظيمة الخاصة بالملكة نيت حتب ومقبرة
حور عحا فى سقارة بهذا
الطراز.
الطراز الثاني:
(أ) المقابر الملكية:
كان السقف بالطوب المتدرج
معتاد فى المقابر ذات الدرج (الأسرة الثانية)، وكان من الممكن أن يتخذ مثل هذا
السقف شكل قبو أو قبة، فى مقبرة "بر ايب سن" فى ابيدوس , كان تطور المخازن
والملحقات بمقارنتها بالغرفة الجنائزية نفسها ملموسا ، يؤدى منحدر إلى مبنى سفلى
يتكون من غرفة جنائزية يحيطها من الجوانب الأربعة سلسلة من المخازن المتصلة, وهى
نفسها محاطة من الجوانب الأربعة بممر، ومن المعتقد أن المقبرة كلها كانت ذات سقف
متدرج فى مقبرة "خع سخموى"، تصل زيادة المبنى السفلى بمقارنتها بالغرفة
الجنائزية إلى أقصى حد لها، وتخطيطها طويل به سلسلة من المخازن المتصلة , وهى
المعتقد أن المقبرة كلها كانت ذات سقف متدرج فى مقبرة "خع سخموى" أو مقابر ذات مدخلين فى الشمال والجنوب , وكسيت
الغرفة الجنائزية التى فى المنتصف بحيث غطيت بالحجر الجيرى .
الطراز الثالث:
لم يوجد هذا الطراز المتميز
بالدرج العميق والغرف المنحوته فى الصخر تحت سطح الأرض قبل الأسرة الثالثة , فيما
بعد عدا منف حيث عرفت مرحلة انتقال منذ أوائل الأسرة الثانية فى سقارة , وهرم فى
زواية العريان، حفرت مقبرة "روآبن" فى سقارة فى الصخر كلية بغرف ازدوجت على كلا جانبى المحور
الطولى الممتد من الشمال إلى الجنوب, يميزها ممر يغلقه ثلاثة متاريس . وتقع الغرفة
الجنائزية فى نهاية الممر وأمامها الغرفة الهيكلية للمتوفى ذات مرحاض وكوة لتخزين
المياه، وتوجدكذلك مقابر أخرى عديدة فى
سقارة على نفس النمط ويتطور هذا الطراز كمقبرة ذات غرفة واحدة فى سقارة ولكن عامة
بمقياس رسم صغير.
طرز المبانى العلوية:
كان كل مبنى سفلى يعلوه
مبنى علوى يميز المقبرة ويؤدى وظيفته كمقصورة للشعائر الجنائزية . وتعد البقايا
التى قاومت قاومت عوامل التعرية ومعاول الهدم على يد الحفارين, كافية لدراسة الطرز
.
وأبسط مبنى علوى عبارة عن تل
من الحصباء ذى قبة مقوسة يغطيها الطمى، وربما كان ذلك تطورا من التل المغلف
المصنوع من الأغصان المجدولة من عصر ما
قبل الأسرات.
المبنى العلوى المشيد بالطوب ذو الكوتين :
استبدل الطراز البسيط فى وقت مبكر بسياج من الطوب كان يشيد بعد الدفن
حول المقبرة التى على هيئة حفرة أو فوق حشوها ‘ وبه كوتان مفتوحتان كل منهما فى
إحدى نهايات الواجهة الغربية، ويمكن أن نعتبره الطراز السابق للمبنى العلوى المعروف بأسم *المصطبة* فى الدولة القديمة، وكان الكوات إما بسيطة الشكل او مركبة ‘ وهى
ملونة باللون الأحمر وأعد أمامها مكان التقدمة فى الهواء الطلق وذلك بتمهيد ممر
بالطوب واحاطته بجدار على هيئة سور منخفض.
ولطراز اًخر من المبنى العلوى
فتحتان متجاورتان
مفتوحتان فى إحدى نهايات الواجهات الشرقية أو الغربية للجدار المحيط بمنطقة الحفرة
واستخدام فناء صغير يحيطه جدار بمدخل غير مباشر لاحتفالات التقدمة
الجنائزية أمام الكوات .
المصاطب الكبيرة ذات الكوتين:
كان هذا الطراز شائعا فى
الأسرة الثانيةفمصطبة "روابن" لها كوتان فى واجهتها الشرقية ‘ والكوة
الجنوبية أكبر وتقلد هيئة الباب، ومن الممكن أن تتخذ الكوة ثلاثة أشكال مختلفة
تسمى : كوة مركبة خالية من النقوش ‘ ومدخل عظيم ‘ وكوة واجهة القصر .
المصطبة ذات حشوات واجهة القصر :
لبعض المصاطب الكبيرة
المعروفة منذ الأسرة الأولى سلسلة متصلة من الكوات على واجهتها الأربع، ولم يكن هذا العنصر المسمى "واجهة
القصر" الذى المدخل التذكارى الضخم ‘
نسخة حقيقية لواجهة القصر . وربما استخدم التقليد المتعدد للأبواب فى المصطبة
ليساعد "الكا" الخاصةبالمتوفى لتتناول من القرابين الجنائزية الموضوعة
خارج المصطبة، وتتكون الكوة ذاتها من تجويف داخلى وخارجى ‘ توجد على كلا جانبية كوة
صغيرة بسيطة، وكذلك فإن كلا من جانبى نفس التجويف يضم كوة مشابهة، وقد اكتشف المصاطب الضخمة من هذا الطراز والتى
يرجع تاريخها إلى الأسرة الأولى‘ فى كل من سقارة‘ وحلون‘ الجيزة‘ وابيدوس ‘ ونجع
الدير (الأسرة الثانية) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق