--> الفن القبطى - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home قبطي

الفن القبطى

 الفن القبطى 
يكتبه/ روبرت يونان

يظن الكثير من غير المتخصصين ان الفن القبطى هو الفن الذى يخص جماعة المسيحيين فى مصر ( الأقباط ) دون غيرهم او انه الفن الذى نشأ فقط فى العصر القبطى ( وهى تسمية غابت عن اغلب المؤرخين  ) او انه فن نشا فى



وقت دخول المسيحية فى مصر ...وهذا خطا كبير

الفن القبطى نشا قبل نشأة المسيحية نفسها و ايضا قبل دخول المسيحية الى مصر على يد كاروز الديار المصرية وهو القديس مرقس مبشر مصر

لقد ولد الفن القبطى فى مصر ارض الحضارة وذلك حوالى القرن الثالث قبل الميلاد وعقب دخول الاسكندر الاكبر الى مصر حوالى 332 ق. م . لذا فالفن القبطى هو الفن المصرى فى مراحله المتأخرة ولد متأثرا بالفنون اليونانية والرومانية حتى القرن السابع الميلادى فتأثر بفن جديد هو الفن المصرى فى العصر الاسلامى. والفن القبطى وأن تميز بمقومات فنية خاصة به ، إلا أنه لم يظهر فجأة إلى الوجود مقطوع الصلة بما سبقه من فنون ، أو غير متأثر بالإطار الحضارى الذى نشأ وترعرع فيه ، بل أنه شأن غيره من الفنون ،


تأثر بالفنون التى سبقته  والوافدة عليه

-          والفن القبطى هو فن شعبى من الدرجة الاولى أى انه فن لم ينشا فى احضان السلطة التى كانت وافدة على مصر فى ذلك الحين ( يونانية – رومانية ) وان تأثر بها,لان المصريين لم يقبلوا الأجانب بسهولة حتى اننا نقرا فى التاريخ عن محاولات الاسكندر الاكبر للتقرب من المصريين وذلك بذهابه الى أشهر مراكز الوحى فى العالم – واحة سيوة – ليدعى امام كل المصريين انه ابن المعبود امون فى معبده الشهير هناك .  وفى المقابل  لم نجد ان احد الحكام الوافدين  من يونان او رومان امر برعاية اسرة فنية معينة او قام بالصرف على تشييد احد مراكز الفنون لرعاية وتنمية المواهب الفنية ... لذلك نجد الفن القبطى ابتعد عن التاثيرات السياسية المختلفة والمتعاقبة كما اننا لم نجد حتى علماء الغرب قسم مراحل الفن القبطى تبعا لاسرات حاكمة او عهود ملكية خاصة .

-          كما ان الفن القبطى هو فن يميل الى الرمزية اكثر من التصريح لذلك نجده فن غنى بالرموز مثل عنقود العنب الذى يرمز الى حياة الشركة والوحدة – والطاووس الذى يرمز الى الخلود –  وإستخدمت الرموز فى القرنين الأول و الثانى ، وظهر السيد المسيح على شكل الراعى الصالح والسمكة أو تحت (المنوجرام ) أى الحرفيين الأوالين على شكل صليب . وكذلك العيون الواسعة والتى ترمز الى الاستنارة الروحية والعديد و العديد من الرموز الذى سيجدها الباحث فى هذا الفن

-          و  يرى الأب ( دي بورجيه ) ان الفن القبطى مرتبطا ً إرتباطا ً وثيقا ً بتاريخ مصر بأحوالها الإجتماعية والسياسيه والحضارية وأيضا ً الدينية التى عاشها الأقباط منذ ظهور المسيحية إلى الفتح الإسلامي كما يرى أن الأعمال الفنية القبطية لها مكانتها الملحوظة بين الأعمال الفنية الأخرى ثم ينظر إلى الفن القبطى على أنه فن لم ينل حظه من التقدير بل عاش فنا ً مفترى عليه ، فالأعمال القبطية فى المعابد الفرعونية كانت ضحية البحث عما هو أقدم منها " فالفن القبطى فى أوجهه هو أيقونه جميله رسمها فنان مبدع وكان الفن حركة وإحساس لايؤديها التصوير أو النقش بل توحي فيها من تأثيرات فإذ هو يكونها من فيض ذهنه "

-          ويقول د. باهور لبيب في كتابه " الفن القبطي" إن الآثار القبطية لها أهمية كبيرة في تاريخنا القومي كأسلوب ربط بين الفن المصري في الحقبة الفرعونية والفترات الرومانية اليونانية من جهة , والعصر الإسلامي العربي من جهة أخري . كما أنها تشكل مرحلة جديدة من آثار الحضارة المسيحية المبكرة, فالفن القبطي ليس انعكاسا فقط للاتجاهات الفنية المتعلقة بالأديرة والكنائس من أجل الأهداف الدينية بل إنه يكشف الوصف الحقيقي للحياة اليومية المعاصرة

وإذا نظرنا إلي الأيقونات القبطية التي تزين الكنائس والأديرة الأثرية لاكتشفنا إلي أى مدي انتقلت ملامح الفن الفرعوني إلي الفن القبطي .لان الفن القبطى هو الامتداد الطبيعى للفن الفرعونى . ففي تلك اللوحات التي رسم فيها الفنان ملامح القديسين والشهداء سنجد الكثير من زخارف الفن المصري القديم كاستخدام علامة" عنخ " أو مفتاح الحياة والتى كانت بداية رسم الصليب . والسمكة التي كانت رمز الخصوبة عند المصري القديم ...

-          كما أنه فن يغلب عليه الطابع الريفي من الحيوانات الأليفة أبراز الشخصية المصرية من عيون واسعة ومستديرة ولون البشر السمراء وأهتم الفن القبطى بالزخارف النباتية مثل النخيل والكرمه والمناظر الريفية كالمراكب ومنظر الراعى


-          كما ورث الفن القبطى عن المصرى القديم تجرده من قواعد المنظور ومن المعروف أن الفن المصرى القديم مجرد تماماً من قواعد " المنظور " . ومن المعروف أيضاً أن الفنان المصرى كان يعبر عن أجزاء الموضوع ، جزءاً جزءاً ، طبقاً لما هى كائنة عليه أبداً وليس طبقاً لما تبدو عليه هذه الأجزاء منظورياً وسط الأجزاء الأخرى الضرورية لتحديد المنظر .

والفن " غير المنظورى " طبقاً للتعريف الذى أوردته " إيما برونر – تروات " هو الفن الذى يعبر عن " حقيقة " الموضوع كما هى عليه ، وكما سوف تظل باقية عليه .  أما فن " المنظور " فهو يعبر عن الموضوع كما هو عليه فى لحظة عابرة أو زمن عارض .  ومعنى هذا أن الفنان المصرى القديم ، كان يعبر " عما يعرفه " عن الموضوع أكثر مما يعبر " عما يراه " من هذا الموضوع فى لحظه ما ..وهذا ما وجدناه فى الفن القبطى الذى كان متقيدا بالبعدين هما الطول والعرض مع إهمال كامل لعنصر الزمن او اللحظة الفانية فى المفهوم الدينى

-          والفن القبطى لايرسم الالم ولا يحب مناظر الدماء او الوان العذاب حتى ان الشهداء كانوا فى الغالب يتم رسامتهم وهم منتصرين ومبتسمين ولا يبالون بالعذاب ابدا.

-          كما انه فن محتشم لا يميل الى رسم الاجساد العارية حتى لو كانت للاطفال الملائكة او حتى تعرية اجساد الشهداء فالشعب المصرى هو شعب محتشم بطبعه بينما نجد ان موضوعات الملائكة الاطفال العراة وتعذيب الشهداء هى موضوعات عادية فى الغرب المسيحى

-          كما تميز أيضاً هذا الفن برسامة ايقونات القديسين فرحة مشرقة فى الوانها وسماتها وبخاصة فى وجه القديس او القديسة وفى ذلك مدلول عقائدي هام فى المسيحية اذ انه يبين النور الالهى الذى ينير الوجه كما انه يبرز حالة الأبدية السعيدة التى يعيشها هؤلاء القديسين

ولهل من أهم السمات الرائعة لهذا الفن استخدامه الهالة التى تحيط بوجه – او حول راس – القديس وهى هالة نورانية اتجه بعض الباحثين الى انها من تأثير الفن الساسانى على الفن المصرى ( ويحتاج هذا الراى الى ادلة اكثر ) – والهالة النورانية هى دليل الاستنارة العقلية التى نالها القديس او القديسة  . وبينما اتجه الفن البيزنطى الى رسامة التيجان على الرؤوس كما راوا ملوكهم وامراؤهم ظل الفن القبطى يرسم الهالة النورانية البسيطة والمشعة بنور ذهبى لانه لم يتاثر يوما بملوك او امراء او اباطرة – والجدير بالذكر ان الهالة النورانية هى الاكثر انتشارا وشيوعا فى كل فنون العالم المسيحى التى اخذتها عن الفن القبطى كما ان الفن القبطى أسبق فى الوجود من الفن البيزنطى وغيره من فنون العالم المسيحى 

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top