--> اهتمام الآباء بتربية الأبناء في مصر القديمة - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home مقالات مصر القديمة

اهتمام الآباء بتربية الأبناء في مصر القديمة

 

          اهتمام الآباء بتربية الأبناء في مصر القديمة

" كن كاتباً ..... تكن على رأس الدنيا "

كتبه: مروه عبد الرازق محمد



قد لا يكون من قبيل المبالغة أن يُنزل المصريون القدماء العلم والمتعلمين منزلةً لا تساويها منزلة، فقد كانت أرفع المناصب فى الدولة المصرية القديمة لا يتولاها سوى المتعلمين، ولذلك اهتم الآباء  بالتربية العقلية لأبنائهم منذ السنوات الأولى لهم، وهو ما تؤكده لنا الحكمة عنوان هذا المقال.

يبدأ تعليم الأبناء عبر العصور على يد الأم، فكانت الأم فى مصر القديمة منوط بها تعليم الطفل فى سنواته الأولى العديد من الكلمات البسيطة ويظل تحت رعايتها حتى يدخل إلى المدرسة، أما الأب المصرى القديم فقد كان جاداً فى الإشراف على أبنائه، يعلمهم آداب السلوك والأخلاق الحميدة ويؤكد دائماً على ضرورة طاعة الأبناء للأم واحترامها، فقد ورد مثال على ذلك فى تعاليم الحكيم آنى قائلاً لابنه فيها " احمل والدتك كما حملتك وأرضعتك ثم ألحقتك بالمدرسة لتتعلم الكتابة"، ولهذا نجد أن الطفل المصرى القديم قد نشأ فى جوّ أُسرى سليم ساعده على النشأة السوية التى جعلته فرداً نافعاً لحياته ولمجتمعه.

ولقد حرص الوالدان على دفع أبنائهم إلى التعلم، وإبراز مميزات مهنة الكاتب وأهمية العلم والمتعلمين عن طريق تعديدهما مساوئ المهن الأخرى للأبناء، ومن الأمثلة التى وردت على لسان المصري القديم تحث الأبناء على تحصيل العلم:

" إن الكاتب دون سواه هو الذى يدير أعمال الناس، أما من يكره العلم فإن الحظ يتخلى عنه"

" اكتب بيدك واقرأ بفمك واستشر من هم أكثر منك علماً"

" لا تقل إني عالم بل بادر وتعلم"

" صادق لفافات البردى ولوحات الكتابة فهى أكثر إمتاعاً من النبيذ"

وبالرغم من اهتمام المصرى القديم بالتعليم إلا أن المعلومات التى وردت إلينا عن تفاصيل العملية التعليمية بمصر الفرعونية قليلة جداً ومتفرقة عبر العصور المختلفة، فقام الباحثون بالاجتهاد قدر المستطاع ووفقاًَ للمعطيات الأثرية التى وصلت إلينا حتى الآن أن يُكونوا لنا صورة عامة عن هذا الأمر تتلخص فى النقاط الآتية:

أولاً: لقد ظهرت المدارس فى عصر الدولة الوسطى وكانت تسمى ( بيت التعليم)، وقبل ذلك كان الأب والأم  يتوليان تعليم الأبناء، وكان الغرض من إنشاء ( بيت التعليم) إخراج مجموعة من الموظفين الإداريين القادرين على إدارة الجهاز الحكومى للدولة المصريّة بعد انهياره فى أواخر عصر الدولة القديمة.

ثانياً: كان الأطفال يبدءون فى الدخول إلى المدارس فى السن ما بين الخامسة والعاشرة من العمر.

ثالثاً: خلال المرحلة الأولى من التعليم كان الأبناء يسكنون مع آبائهم فى المنزل، أما إذا بدئوا فى الترقى بالتعليم، لاسيما إذا التحق أحدهم بالمدارس التى كانت ملحقة بالقصرأوالمعبد، فكان الطلاب ينتقلون للعيش بالقرب من تلك المدارس وأغلب الظن فى مجمعات سكنية ملحقة بها فيما يشبه المدارس الداخلية حالياً.

رابعاً: كان التعليم فى بداية العمر قاصراً على تعليم القراءة والكتابة عن طريق التحفي بصوت عال والترديد وراء المعلم حتى يتم الحفظ ثم يبدأ بعد ذلك التسميع لما حفظه التلاميذ بالإضافة إلى تعليم مبادئ الحساب والتدريب على حل المسائل المختلفة.

خامساً: لم يكن التعليم قاصراً على الفتيان فقط، بل كانت الفتيات أيضاً يتعلمن القراءة والكتابة والحساب وربما كان ذلك ليساعدهن على العمل فى خدمة المعابد، ومن الجدير بالذكر أنه كانت النساء من الطبقات الراقية يخضعن للتعليم، فقد عثر على أدوات الكتابة الخاصة بالسيدة ( مريت أمون) الابنة الكبرى لإخناتون وكانت آثار الاستخدام واضحة عليها.

ومن الدلائل السابقة نجد أن المصرى القديم بالفعل أنزل العلم والتعليم منزلة مميزة فقد حرص الآباء على إخضاع أبنائهم إلى التعليم حتى يربوهم عقلياً، كما اهتموا على الدوام بتربيتهم روحياً وجسدياً، وقد كان الاهتمام بالتعليم صفة فى المجتمع المصرى القديم الذى استطاع على يد متعلميه ومعلميه أن يصل إلى تلك المكانة التى لم تصل إليها أى حضارة قديمة حتى الآن، فهذه المعجزات الفنية والمعمارية والعلمية لا تتأتى إلا لقوم ربوا آبائهم على إعمال العقل وتقدير العلم...

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top