--> الهيروغليفية بين الغموض والإكتشاف - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home اللغة المصرية القديمة

الهيروغليفية بين الغموض والإكتشاف

 

الهيروغليفية بين الغموض والإكتشاف 

كتبه. مروه عبد الرازق محمد



          إن الخط الهيروغليفي ذلك الخط الجميل الذى عُرف خطأً بين العوام ووسائل الإعلام على أنه لغة المصريين القدماء، إلا أنه عبارة عن واحدا من أربعة خطوط مختلفة ظهرت الواحد تلو الآخر لتحقق رغبة المصرى القديم فى تبسيط الكتابة كى تكون أسهل وأسرع فى الاستخدام، وتلك الخطوط حسب ظهورها تاريخياً هى الخط الهيروغليفي أو الخط المقدس، ثم الخط الهيراطيقي أو خط الكهنة، ويليه الخط الديموطيقى ومعناه الخط الشعبى، وأخيراً الخط القبطى الذى مازال معمولاً به فى الكنيسة المصرية حتى الآن، ومن الجدير بالذكر أن اللغة المصرية القديمة تشبه فى تنوع خطوطها اللغة العربية التى تكتب بعدة خطوط كخط النسخ وخط الرقعة وغيرها من الخطوط الزخرفية الجميلة.

ويعتبر الخط الهيروغليفي موضوع المقال تعريباً للكلمة الأجنبية Hieroglyphic وهى مشتقة من كلمتين يونانيتين هما " هيروس Hieros" و" جلوفوس Glophos" وتعنيان معاً الكتابة المقدسة، وسبب تلك التسمية استخدام المصرى القديم لهذا الخط للكتابة على جدران الأماكن المقدسة لديه كالمعابد والمقابر، ويعتبر الخط الهيروغليفي هو خط العلامات الكاملة حيث تم فيه رسم كل العلامات بلا إنقاص أو تغيير لشكلها مما اكسبه وضوحاً وجمالاً منقطع النظير تفرد به الخط الهيروغليفي عن باقى الخطوط الاخرى.

تتكون الآبجدية المصرية من العديد من العلامات التى تعبر عن الأصوات الأولية للحروف والتى سوف تستخدم فيما بعد فى تكوين الكلمات  وتعتبر الأبجدية هى المرحلة الثانية للغة،  فالإنسان يبدأ فى نطق اللغة أولاً ثم يعبر عن أفكاره بالصورة ثانياً وبالحروف المكتوبة أخيراًً، وتعتبر الأبجدية هى المرحلة الثانية للغة، فالإنسان يبدأ فى نطق اللغة أولاً ثم يعبر عن أفكاره بالصورة ثانيا وبالحروف المكتوبة أخيراًً، فعلى سبيل المثال يقوم الطفل برسم شكل الكرة بعد نطقه للكلمة حتى يتعلم الحروف الأبجدية التى تمكنه من تدوين كل ما يراه ويفكر فيه.

استمرت اللغة المصرية القديمة مستخدمة على جدران المنشأت المختلفة حتى نهاية العصر الفرعونى، وقد حلت اللغة العربية محل المصرية القديمة تدريجياً بعد الفتح العربى لمصر عام 641م على يد عمرو بن العاص مما أدى إلى اندثار المعرفة بالخط الهيروغليفي معها، إلا أن الباحثين من علماء العرب أبدوا اهتماماً بالغاً بالنقوش الهيروغليفية على جدران المعابد والمقابر المصرية القديمة التى رأوها فى مصر وقد سبقوا فى ذلك علماء أوروبا،  ومن أشهر هؤلاء العلماء جابر بن حيان عالم الكيمياء والسبب فى اهتمامه بمعرفة اللغة المصرية القديمة اعتقاد علماء الكيمياء أن النقوش الهيروغليفية دوّن بها المصريون القدماء أسرار علم الكيمياء وبالأخص طريقة تحويل المعادن العادية إلى معادن نفيسة فاجتهدوا فى فك رموزها اجتهاداً كبيراً وقد دون جابر بن حيان اجتهاداته فى هذا المجال فى كتابين " كشف الرموز" وكتاب " الحاصل".

لم يكن العالم المسلم جابر بن حيان الوحيد الذى أبدى اهتمامه بالخط الهيروغليفي ولكن شاركه فى ذلك العالم ذو النون المصرىّ أحد ابناء قرية أخميم (إحدى مدن محافظة سوهاج) والذى عرف بقدرته على قراءة النصوص المسجلة على جدران المعابد، وقد دون ما توصل لقراءته فى كتابين هما "حل الرموز" و"برأ الأرقام فى كشف أصول اللغات والأقلام".

وبالرغم من شهرة وأهمية هؤلاء العلماء إلا أن أهمهم هو العالم ابن وحشية صاحب كتاب " شوق المستهام فى معرفة رموز الاقلام" والذى قام العالم النمساوى همرفون بنشر النص العربي للكتاب  والترجمة الانجليزية عام 1806م، وهذا النشر هو المؤلّف الأساسى الذى اعتمد عليه العالم الفرنسى شامبليون فى فك رموز حجر رشيد الذى عثر عليه أحد ضباط الحملة الفرنسية على مصر عام 1822م وقد كانت لمحاولاته الفضل الأكبر فى نشر علم المصريات بشكل عام واللغة المصرية القديمة بشكل خاص.

وختاماً فإن الخط الهيروغليفي أجمل خطوط اللغة المصرية القديمة الذى زينت به جدران المعابد والمقابر، وبهر العالم بعلاماته الكاملة الواضحة التى أضفت على المنشآت التى زخرفت به بهاءً وجلالاً  والذى تمت كتابته من اليمين إلى اليسار والعكس ومن أعلى إلى أسفل يعد رمزاً واضحاً على مدى إبداع المصرى القديم كان لغزاً فى تكوينه ولغزاً فى تفسيره إلا أن العلم الذى يُحفظ بالتدوين حفظ لنا مجهودات كل العلماء الذين اجتهدوا لكشف غموض علامات الخط الهيروغليفي الذى يُزين به آثار مصر الخالدة سواء كانوا من العرب أو من الغرب.

 

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top