أزمة
الوعي الأثري لدى المصريين
ريهام زكي
.....باحثة في اثار مصر القديمة
تمتلك أرض مصر حضارة و تاريخ
عريق منذ ألاف السنين ، و هى من أولى الحضارات التي قامت على الأرض و أعرقها حيث تجمع بين العظمة في البناء و
الرقي الفكري مما يجعلها تسمو فوق أي حضارة أخرى من الحضارات القديمة .
إلا أنه في الوقت الحالي
، يعاني شعب مصر – أو على الأقل قطاع كبير منه من أزمة في الوعي الأثري و كما نعلم
لا يوجد حل لظاهرة إلا بمعرفة أسبابها و معالجتها و بكل وضوح ..و الخطوة الأولى في
معالجة هذه الأزمة هى الإعتراف بوجودها .
فحادثة سرقة متحف ملوى و
هى من الحوادث المؤسفة التي تعرض لها الوطن في الأيام الأخيرة و من قبلها سرقة
المتحف المصري بالتحرير، تنبىء بوجود أزمة في عدم إهتمام المصريين بالأثر و قيمته
التاريخية و الإنسانية ..هذا بخلاف السلوك غير الحضاري الذي تشهده المناطق الأثرية
من بعض الزائرين من إلقاء المهملات و تدمير للأثر بالكتابة و الحفرعليه..إن عملي
كمفتشة في منطقة اّثار مفتوحة أتاح لي رؤية العديد من السلوكيات و التجاوزات الغير
حضارية من الزوار المصريين في حين ما يحزن هو إهتمام الزوار الأجانب بحضارتنا و
اّثارنا رغم أنها ميراثنا الذي لا يعوض ..
ما السبب ؟
من وجهة نظري الشخصية
يوجد العديد من الأسباب التي تدعو إلى نقص الوعي الأثري لدى المصريين و منها :
-
النظرة الدينية السلبية
تجاه الأثر : هذا العامل يعتبره الكثير من الباحثين هو السبب الرئيسي لعدم الوعي و
الإهتمام بالأثر ، حيث أن من قاموا ببناء الأهرامات و المعابد و غيرها ( من وجهة
نظر البعض) كفار و غير مؤمنين بالله ..وإذا إعتبرنا هذا الكلام صحيحاً فالذي ما
يحير فعلاً هو عدم الإهتمام بالمساجد الأثرية بل و الإعتداء عليها و سرقة
محتوياتها مثل ماحدث و ما يحدث في المساجد الأثرية سواء في منطقة القاهرة
التاريخية او خارجها
فإذا كان بناة الاهرام و
المعابد كفرة فماذا عن المساجد ؟ ؟
-
إقتصار النظر على
الأهمية الإقتصادية للأثر :
دائماً ما ينظر قطاع
كبير من المصريين للاثر على أنه "دخل مادي" و الربط الدائم بين السياحة
و الاثار ، حيث أن الأهمية "الوحيدة" للأثار هى جلب السياحة..بالطبع
تجلب لنا الأثار العديد من السياح سنوياً و تخلق فرصاً عديدة للعمل و لكن إقتصار
النظر للأثر على أنه لجلب السياح فقط هو تقليل من قيمته ..فالاّثار تراث إنساني و
تسجيل للحضارات التي قامت في المكان ، و هو مصدر التاريخ الذي يحدد شكل و مصير
المجتمع و الأمة ، و الحفاظ عليه هو واجب وطنى على كل مصري .
و الدليل على عدم إهتمام
المصريين بالتراث كتراث في حد ذاته هو ضعف نسبة السياحة الداخلية بمقارنتها
بالخارجية رغم أنها كفيلة لتنشيط قطاع السياحة طوال العام و ليس مواسم معينة فقط .
-
قلة الوسائل المقدمة
للوعي الاثري :
رغم تعدد وسائل الإعلام
المصرية و إنتشارها على طول البلاد من مرئية و مسموعة و مطبوعة ، إلا أن العديد
منها لا يولي إهتماماً بزيادة الوعي الأثري و التثقيف لدي المصريين ، أو استخدام
وسائل تقليدية و كلمات محفوظة لا تترك صدى لدى قطاع عريض من المصريين ، كذلك إغفال
قطاع مهم من المجتمع و هو قطاع الطفل ، فلا يوجد وسائل لتنمية الوعي الاثري في
المدارس و قلة الزيارات الميدانية للمواقع الأثرية .
إذن ما الحل ؟
يكمن الحل ببساطة في
معالجة أسباب الظاهرة و هو استخدام كافة الوسائل المتاحة في زيادة الوعي لدى
المصريين تجاه الأثر و أهميته التاريخية ،و أنه تراث يجب المحافظة عليه للأجيال القادمة ، وزيادة التفاعل مع المصريين على أهميته الأثر
من خلال إنشاء جمعيات أصدقاء للمتاحف و إنشاء إدارة للوعي الأثري في وزارة الاثار
، والتنسيق بين وزارات الأثار و السياحة و الثقافة على عقد ندوات و محاضرات و
زيارات ميدانية ، و درج الوعي الأثري ضمن الأنشطة المدرسية و الطلابية ..فأطفال
اليوم هم رجال و نساء المستقبل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق