--> الأم ومكانتها فى الحضارة المصريّة القديمة - J.E.C (Journal of Egyptian Civilization)
Home مقالات مصر القديمة

الأم ومكانتها فى الحضارة المصريّة القديمة

 

الأم ومكانتها فى الحضارة المصريّة القديمة

كتبه. مروه عبدالرازق محمد عبدالله



كان البيت هو مهد التربية فى مصر القديمة، وهو المكان الذى إن اتسم بالإسقرار والسعادة انعكس ذلك على الأبناء الذين سيحملون شعلة التطور والحضارة بعد ذويهم ... ومن هنا كان للأسرة فى مصر القديمة مكانتها التى لا ينافسها فيها أى ملمح آخر من ملامح المجتمع، ولما كان عماد البيت لا يستقم إلا بوجود الأم فقد كانت الأم فى الحضارة المصريّة القديمة محل التقدير والإحترام من الزوج والابناء .

ولقد حث المصريون ابنائهم دائماً على طاعة الوالدين خاصة الأم، حيث وردت العديد من النصائح بهذا الشأن منها على سبيل المثال وليس الحصر نصائح الحكيم آنى من عصر الدولة الحديثة الذى كان يحث ابنه فيها على ضرورة طاعة الأم، ومن تلك النصائح:

" وحينما تصبح شاباً وتتخذ لك زوجة وتستقر فى بيتك ... نضع نصب عينيك كيف وضعتك أمك وكيف ربتك بكل الوسائل .. فليتها لا تغضب عليك"

ويوصى الحكيم آنى ابنه كيف يصبح وفياً لوالدته فيقول:

" ضاعف مقدار الخبز الذى تعطيه لوالدتك.. واحملها كما حملتك"

ولم يكن الوفاء للوالدين اثناء حياتهما فقط بل ايضاً بعد وفاتهما، حيث يكمل الحكيم آنى نصائحه لابنه قائلاً: "قدم القرابين لأمك وأبيك الذين يسكنان فى وادى الصحراء –أى الجبانة- وإياك ان تغفل هذا الواجب"

أما عن وظائف الأم فى الأسرة فقد كانت عديدة منها الإهتمام بشئون المنزل من التنظيف وطهى الطعام وكذلك رعاية الاطفال وتربيتهم حتى يصلوا إلى سن المدرسة فتقوم هى والأب بإرساله كى يتعلم، ومن الجدير بالذكر أن الكلمات الاولى للطفل كان يتعلمها على يد والدته التى تقدم له الرعاية والإهتمام والحنان، فلم يكن دور الأم قاصرًا على الإطعام والإهتمام بنظافة الطفل والبيت بل كانت هى التى تضع النواة الأولى فى شخصية الطفل ومعرفته لينطلق من تلك اللبنة الأولى إلى إتمام تعليمه فى المدرسة مع استمرار متابعته من الأم والأب طوال فترة الطفولة.

       هذا ولم يغفل الأدب المصرىّ القديم الإشادة بدور الأم الأرملة التى انكبت على رعاية أطفالها وتربيتهم، مواجهةً وحدها كل صعوبات الحياة ومشقتها ومخاطرها، ومن أشهر الشخصيات التى مثلت الأم الأرملة الوفية لزوجها والحريصة على حماية وتربية ابنها المعبودة إيزيس وابنها حورس الذى كانت تقوم بحمايته بكل الطرق والوسائل، ولقد جسدت لنا أسطورة إيزيس وأوزوريس كم الأعباء والمخاطر التى تحملتها المعبودة إيزيس حتى تتمكن من تربية ابنها إلى أن وصل لمرحلة الشباب والقوة والتى جعلته قادرا على حماية نفسه.

أما عن تصوير الأم فى الفن فنجد أن الأم بشكل خاص والمرأة بشكل عام كانت تصور إما جالسة أو واقفة بجوار زوجها وكان ارتفاعها أقل قليلاً من ارتفاع الزوج، وكانت ساقيها دائما مضمومتان كناية عن الحياء والإستقرار، وأحيانا كانت تصور الزوجة وذراعها يلتف حول زوجها تعبيرًا عن عاطفتها له وما تكن له من حب واحترام واحتواء، أما فى مناظر جلوس الزوج أمام مائدة القرابين بالمقبرة فإن الزوجة هى من تشارك زوجها دائماً فى الجلوس عليها إلا فى حالات نادرة...

تمثال من الحجر الجيرى للمدعو " حو" يمثله مع زوجته والابناء

من عصر الأسرة الخامسة



 

اقرأ أيضا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اخترنا لك

to Top