فيـــــــــــلة (الجزيرة الرئعة والقصر الآسطوري)
كتبه: مروه عبد الرازق محمد ( ماجستير آثار مصرية وباحثة فى علم المصريات ).
جزيرة فيلة عبارة عن جزيرة صغيرة تتوسط مجرى نهر النيل
وتقع على بعد أربعة كيلومترات من خزان أسوان، وهى تتكون من مجموعة من الصخور
الجرانيتية الوردية اللون، وعرفت جزيرة فيلة فى النصوص المصرية القديمة والقبطية
باسم " بيلاك" وتعنى الحد أو الخط الفاصل أو النهاية إشارةً إلى كونها
حدأ فاصلاً بين شمال وجنوب وادى النيل أما
فى اليونانية فسميت " فيلة أو فيلاى" والتى تعنى الحبيبة، وذكرت فى
الأدب العربىّ باسم " أنس
الوجود" وهى إحدى الشخصيات التى ذكرت فى قصص ألف ليلة وليلة.
ويعد معبد إيزيس هو السمة البارزة والمميزة لجزيرة فيلة
التى احتوت على خمسة عشر منشأة معمارية، ويرجع ارتباط جزيرة فيلة بالمعبودة إيزيس
أن اتباع إيزيس كانوا يتوافدون على تلك الجزيرة لعدة قرون يحيون عليها ذكرى قصة
إيزيس وأوزير حيث
كان هناك اعتقاد بأن إيزيس وجدت فيها قلب زوجها «أوزير»، بعد أن قتله وقطعه أخوه
المعبود «ست»، إلا أن هذا المعبد لم يكن المعبد الوحيد بل ضمت
الجزيرة أيضاً معبداً للمعبودة حتحور، ومقصورة للملك نختنبو الأول من الأسرة
الثلاثين، ومقصورة صغيرة باسم الملك تراجان صور عليها وهو يقدم الهدايا لإيزيس
وأوزير وابنهما، بالإضافة إلى معبداً للإمبراطور أغسطس فى الجزء الشمالىّ من
الجزيرة وغيرها من المنشآت المعمارية التى تمت إضافتها إلى الجزيرة والتى كانت تقام بها طقوس العبادة الخاصة
بالمعبودة إيزيس حتى عام 550 بعد الميلاد فى عهد «جوستنيان» الذى وصلت المسيحية إلى جزيرة
«فيلة» فى عهده وبدأت صفحة جديدة في تاريخها، وتحولت قاعات الأعمدة لتصبح مناسبة
لممارسة الديانة الجديدة، كما تم نقل الأحجار من بعض الآثار لبناء كنائس مسيحية
فيها، وظلت حتى الفتح الاسلامى الذى اعتبر جزيرة فيلة حصناً هاماً فى جنوب مصر،
وقد اعتقد العرب أن المعابد المشيدة عبارة عن قصور قديمة للملوك الغابرين فأطلقوا
على إحداها اسم قصر أنس الوجود إحدى بطلات القصص العربى القديم.
ظلت جزيرة فيلة
تتحدى مياه نهر النيل التى كانت تغمر أجزاءً منها وقت الفيضان مما كان يهدد الآثار
المنشأة عليها بالتدمير، إلا أن تلك الخطورة قد زادت بعد الإنتهاء من بناء خزان
أسوان حيث تعرضت آثار جزيرة فيلة لغمر المياه عندما يرتفع منسوب نهر النيل بشكل
متجدد كل عام، مما أدى إلى تعرضها للزوال
التام، وتفاقمت المشكلة بعد أن قررت مصر بناء السد العالى فأصبح واضحاً أن معابد
جزيرة فيلة وباقى المعابد الموجودة بتلك المنطقة مهددت بالغرق الكامل تحت مياه نهر
النيل، مما استدعى مصر إلى الإستعانة بمساعدة منظمة اليونسكو وباقى دول العالم
المهتمة بالحفاظ على التراث الحضارىً لوضع خطة عاجلة لإنقاذ آثار النوبة ومن بينها
آثار جزيرة فيلة، وبالفعل تم نقل المعابد من أماكنها إلى أماكن أخرى أعلى منسوباً
من النيل لحمايتها من خطر ارتفاع مياه النهر.
و كان من بين الاثار التى تم نقلها نقل معبد
ايزيس الموجودة فى جزيرة فيلة والذى تم نقله إلى جزيرة " إيجيليكا "
المجاورة، وبالفعل تم فك أحجار معبد إيزيس والذى عثر العلماء اثناء عملية فك
أحجاره على كتل صخرية حملت اسماء بعض ملوك الأسرة السادسة والعشرين مثل الملك
أبسماتيك الثانى و الملك أحمس الثانى مستخدمةً كحشو للصروح الموجودة بالمعبد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق