مصر من تكوين الارض وحتى العصر الاسلامي
يكتبه د/ نزيه سليمان ............... الحلقة
الأولى
مصر: هي ذلك الجزء المهم والحساس بين مشرق الأرض
ومغربها، تتوسط قارات العالم القديم شامخة بموقعها الفريد والممتاز، تمتد من
الجنوب إلى الشمال بانحدار واضح هيئ لنهر النيل ظروف مناسبة للانحدار شمالا حتى
مصبه في البحر المتوسط.
واعتمد قيام الحضارة المصرية بصورة كبيرة على
الموقع الجغرافي، والتكوين الجيولوجي لمصر، وإذ ينظر العاقل فينا الي واقع الآمر
يعرف أنه لا معرفة لتاريخ بلد واثارها وحضارتها معرفة صحيحة الا بمعرفة الظروف
البيئية والموقع وطبيعة ارضه التي هيأت
لهذه الحضارة ان تقوم، وايمانا منا بدورنا في نشر علومنا ومعارفنا واسرار حضارتنا فقد وجب علينا ان نعود
بذاكرة التاريخ الى الوراء الى ما قبل الانسان نفسه لنرى كيف كانت مصر والى ما
صارت، وهذا ما سوف اقوم به في مجموعة مقالتي هذه تحت عنوان (مصر من تكوين الارض
وحتى العصر الاسلامي) معتمدا على احدث الكتب والدوريات والاكتشافات الجيولوجية و
الاثرية.
و مصر عبارة عن 1- جزء من الكتلة العربية النوبية
و التي بدورها تمثل جزءاً من قارة جندوانا الأركية القديمة، 2- وجزء من بحر التثيز
الذي يعد البحر المتوسط أخر بقاياه، ويعد بحر التثيز الجزء الموجب في تكوين أطراف
مصر الشمالية، فكلما تقدم خطوة ناحية الجنوب (ناحية جندوانا) تراجع خطوتين إلى
الوراء تاركا رواسبه لتشكل جزءاً جديد من الأراضي المصرية،
ولمتابعة تطور مصر الجيولوجي لابد من تتبع هذا
التطور خلال العصور الجيولوجية المختلفة كالآتي:
1-
تكوينات
الزمن الأركي: تظهر
الصخور الأركية في مساحة مائة ألف كيلومتر مربع أي ما يقارب 10% من مساحة مصر، وهي
الأساس القاعدي الذي ترتكز عليه كل الصخور الرسوبية التي تكونت في العصور
الجيولوجية المتكونة في العصور اللاحقة، وتمثل هذه التكوينات الأركية مناطق مصر
الأشد وعورة بسبب ما تعرضت له من حركات أرضية شديدة من تصدعات وتداخلات نارية أو
تحول إقليمي Regional metamorphism، وتنتشر التكوينات الأركيه في معظم وحدات
الجيومورفولوجية في مصر .
2-
الخصائص
الجيولوجية للتكوينات الأركيه في مصر:
هي عبارة
عن خليط معقد من أنواع مختلفة ومتباينة في الخصائص من صخور نارية أو متحولة غالباً
ما تكون من أصل ناري، ومن أهم هذه الصخور الشست و النايس والجرانيت والجرانوديويت،
وغيرها مما تعرض خلال التاريخ الجيولوجي لضغوط شديدة واندفاعات وتداخلات
نارية
والتواءات عنيفة أدت إلى شدة
تعقيدها وتضرسها بالصورة التي نجدها عليها الآن (الشكل المقابل).
3-
تكوينات
الزمن الجيولوجي الأول: لم
تكتشف أي تكوينات في مصر ترجع إلى العصور الجيولوجية الأربعة الأوائل من هذا الزمن
ويرجع ذلك إلى عدة احتمالات كالآتي:
أ- تكون هذه التكوينات
موجودة تحت تكوينات احدث
ب-
أزيلت
هذه التكوينات بفعل عوامل التعرية
ت- كانت أرض مصر خلال عصور الكمبرى والأردوفيشى
والسيلورى أرضا مرتفعة و لم تتعرض لأي طغيان مائي.
أما العصر الخامس من الزمن الأول وهو العصر
الفحمي فتوجد في مواضع ثلاثة داخل الصحاري المصرية في مناطق 1- أم بجمة
غربي شبه جزيرة سيناء وتوجد في صورة طبقتين من الصخور الرملية تفصلهما طبقة من
الحجر الجيري سمكها جميعاً 320 متراً، العليا سمكها 150 متراً والسفلى سمكها 130
مترا، بينما يبلغ سمك الطبقة الجيرية الوسطى 40 متراً، 2- في وادي عربة
والجوانب الشرقية لهضبة الجلالة الشمالية (البحرية) وهى عبارة عن طبقة من الحجر الجيري تحتوى على
حفريات لنباتات كربونية وتتخلل طبقات من الحجر الرملي والمارل، 3- في العوينات
جنوب غرب الصحراء الغربية حيث وجدت صخور رملية تحتوى على نباتات من العصر الكربوني،
مما يعطى احتمال وجود تكوينات العصر
الفحمي أو الكربوني مختبئة تحت تكوينات الحجر الرملي الكريتاسي.
والواقع أن الصورة التوزيعية للتكوينات الفحمية
تثير الاهتمام وتضع علامة استفهام أمام الباحثين، في عدة احتمالات 1- أنها تدل على أن البحر الجيولوجي القديم قد
وصل إلى الأجزاء الجنوبية من الأراضي
المصرية و ربما يكون مغطياً لها تغطية كاملة وأن ما يوجد من رواسب كربونية في
الوقت الحاضر ما هي إلا البقية المتبقية بعد تعرض السطح عند انحسار البحر لعمليات
التعرية ومرور أكثر من دورة جيولوجية عليه.
2- ربما
أيضا تكون رواسب البحر الكربوني مازالت قابعة كما ذكرنا تحت الرواسب تلك العصور
اللاحقة.
3- أو ربما كانت صورة الغمر البحري الكربوني
عبارة عن غمر هامشي شمالي اقتصر على أطراف مصر الشمالية حتى الجلالة البحرية مع امتداد أحد الخلجان
الطولية متغلغلاً في الأراضي المصرية، والتي كانت أصلاً مرتفعة حتى ذلك العصر
الموغل في القدم – باتجاه الجنوب الغربي.
وبانتهاء العصر الكربوني لم تتعرض أرض مصر لأية عمليات غمر بحرية طوال العصر البرمى وذلك بسبب استمرار ارتفاع منسوبها حقبة زمنية طويلة شغلت ما تبقى من الزمن الأول وفترة طويلة من الزمن الثاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق